داخلة على الابتداء والخبر ولو جوز لكان على قبح في اللسان لا يليق بكتاب الله تعالى انتهى، وحذف المفعول الثالث في باب أعلم لدلالة المعنى عليه جائز فيجوز في جواب هل أعلمت زيدا عمرا منطلقا أعلمت زيدا عمرا ويحذف منطلقا لدلالة الكلام السابق عليه وأما تعليله لأنها داخلة على الابتداء والخبر لا يدل على المنع لأن خبر المبتدأ يجوز حذفه اختصارا والثاني والثالث في بأم أعلم يجوز حذف كل واحد منهما اختصارا وفي قوله لأنها أي * (* سأريكم) * داخلة على المبتدأ والخبر فيه تجوز ويعني أنها قبل النقل بالهمزة فكانت داخلة على المبتدأ والخبر، وقرأ الحسن: * (عجل سأوريكم) * بواو ساكنة بعد الهمزة على ما يقتضيه رسم المصحف ووجهت هذه القراءة بوجهين، أحدهما: ما ذكره أبو الفتح وهو أنه أشبع الضمة ومطلها فنشأ عنها الواو قال: ويحسن احتمال الواو في هذا الموضع أنه موضع وعيد وإغلاظ فمكن الصوت فيه انتهى، فيكون كقوله أدنو فانظر رأى فانظر، وهذا التوجيه ضعيف لأن الاشباع بابه ضرورة الشعر، والثاني: ما ذكره الزمخشري قال وقرأ الحسن * (سأوريكم) * وهي لغة فاشية بالحجاز يقال: أورني كذا وأوريته فوجهه أن يكون من أوريت الزند كأن المعنى بينه لي وأثره لأستبينه انتهى، وهي أيضا في لغة أهل الأندلس كأنهم تلقفوها من لغة الحجاز وبقيت في لسانهم إلى الآن وينبغي أن ينظر في تحقق هذه اللغة أهي في لغة الحجاز أم لا، وقرأ ابن عباس وقسامة بن زهير سأورثكم، قال الزمخشري وهي قراءة حسنة يصححها قوله تعالى * (وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون) *.
* (سأصرف عن ءاياتي الذين يتكبرون في الارض بغير الحق) * لما ذكر * (سأوريكم دار الفاسقين) * ذكر ما يفعل بهم تعالى من صرفه إياهم عن آياته لفسقهم وخروجهم عن طورهم إلى وصف ليس لهم ثم ذكر تعالى من أحوالهم ما استحقوا به اسم الفسق، قال ابن جبير سأصرفهم عن الاعتبار والاستدلال بالدلائل والآيات على هذه المعجزات وبدائع المخلوقات، وقال قتادة: سأصدهم عن الإعراض والطعن والتحريف والتبديل والتغيير فالآيات القرآن فإنه مختص بصونه عن ذلك، وقال سفيان بن عيينة سأمنعهم من تدبرها ونظرها النظر الصحيح المؤدي إلى الحق، وقال الزجاج: أجعل جزاءهم سأصرفهم عن دفع الانتقام أي إذا أصابتهم عقوبة لم يدفعها عنهم فالآيات على هذا ما حل بهم من المثلات التي صاروا بها مثلة وعبرة وعلى هذه الأقوال يكون * (الذين يتكبرون) * عام أي كل من قام به هذا الوصف، وقيل: هذا من تمام خطاب موسى، والآيات هي التسع التي أعطيها والمتكبرون هم فرعون وقومه صرف الله قلوبهم عن الاعتبار بها بما انهمكوا فيه من لذات الدنيا وأخذ الزمخشري بعض أقوال المفسرين فقال * (سأصرف عن ءاياتي) * بالطبع على قلوب المتكبرين وخذلانهم فلا يفكرون فيها ولا يعتبرون بها غفلة وانهماكا فيما يشغلهم عنها من شهواتهم وفيه إنذار المخاطبين من عاقبة والذين يصرفون عن الآيات لتكبرهم وكفرهم بها لئلا يكونوا مثلهم فيسلك بهم سبيلهم انتهى، و * (الذين يتكبرون) * عن الإيمان قال ابن عطية: هم الكفرة والمعنى في هذه الآية سأجعل الصرف عن الآيات عقوبة المتكبرين على تكبرهم انتهى، وقيل هم الذين يحتقرون الناس ويرون لهم الفضل عليهم، وفي الحديث الصحيح إنما الكبر أن تسفه الحق وتغمص الناس ويتعلق بغير الحق بيتكبرون أي بما ليس بحق وما هم عليه من دينهم وقد يكون التكبر بالحق كتكبر المحق على المبطل لقوله تعالى: * (الله على الكافرين) * ويجوز أن يكون في موض الحال فيتعلق بمحذوف أي ملتبسين بغير الحق والمعنى غير مستحقين لأن التكبر بالحق لله وحده لأنه هو الذي له القدرة والفضل الذي ليس لأحد.
* (ومنهم من يستمع إليك وجعلنا على قلوبهم) * وصفهم هذا الوصف الذميم وهو التكبر عن الإيمان حتى لو عرضت عليهم كل آية لم يروها آية فيؤمنوا بها وهذا ختم منه تعالى على الطائفة التي قدر أن لا يؤمنوا. وقرأ مالك بن دينار: وإن * (يروا) * بضم الياء.
* (وإن يروا سبيل الرشد لا يتخذوه سبيلا وإن يروا سبيل الغى يتخذوه سبيلا) *. أراهم الله السبيلين فرأوهما فآثروا الغي على الرشد كقوله * (فاستحبوا العمى على