تفسير البحر المحيط - أبي حيان الأندلسي - ج ٤ - الصفحة ٣٨٣
فلا تشمت بى الأعدآء ولا تجعلنى مع القوم الظالمين * قال رب اغفر لى ولأخى وأدخلنا في رحمتك وأنت أرحم الراحمين * إن الذين اتخذوا العجل سينالهم غضب من ربهم وذلة فى الحيواة الدنيا وكذالك نجزى المفترين * والذين عملوا السيئات ثم تابوا من بعدها وءامنوا إن ربك من بعدها لغفور رحيم * ولما سكت عن موسى الغضب أخذ الا لواح وفى نسختها هدى ورحمة للذين هم لربهم يرهبون) *)) ) * التجلي الظهور. الدك مصدر دككت الشيء فتتة وسحقته مصدر في معنى المفعول والدك والدق بمعنى واحد وقال يزدكا مستويا مع الأرض. الخرور السقوط. أفاق ثاب إليه حسه وعقله. اللوح معروف وهو يعد للكتابة وغيرها وأصله اللمع تلمع وتلوح فيه الأشياء المكتوبة. الحلى معروف وهو ما يتزين به النساء من فضة وذهب وجوهر وغير ذلك من الحجر النفيس. الخوار صوت البقرة. الأسف الحزن يقال أسف يأسف. الجر الجذب. الإشمات السرور بما ينال الشخص من المكروه. السكوت والسكات الصمت.
* (فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا وخر موسى صعقا) * ترتب على التجلي أمران أحدهما تفتت الجبل وتفرق أجزائه، والثاني خرور موسى مغشيا عليه. قاله ابن زيد وجماعة المفسرين، وقال السدي ميتا ويبعده لفظه أفاق والتجلي بمعنى الظهور الجسماني مستحيل على الله تعالى، قال ابن عباس وقوم لما وقع نوره عليه تدكدك، وقال المبرد: المعنى ظهر للجبل من ملكوت الله ما يدكدك به، وقيل ظهر جزء من العرش للجبل فتصرع من هيبته، وقيل: ظهر أمره تعالى، وقيل: * (تجلى) * لأهل الجبل يريد موسى والسبعين الذين معه، وقال الضحاك: أظهر الله من نور الحجب مثل منخر الثور، وقال عبد الله بن سلام: وكعب الأحبار ما تجلى من عظمة الله للجبل إلا مثل سم الخياط، وقال الزمخشري: فلما ظهر له اقتداره وتصدى له أمره وإرادته انتهى، وقال المتأولون المتكلمون كالقاضي أبي بكر بن الطيب وغيره: إن الله خلق للجبل حياة وحسا وإدراكا يرى به ثم تجل له أي ظهر وبدا فاندك الجبل لشدة المطلع فلما رأى موسى ما بالجبل صعق وهذا المعنى مروي عن ابن عباس، والظاهر نسبة التجلي إليه تعالى على ما يليق به من غير انتقال ولا وصف يدل على الجسمية، قال ابن عباس صار ترابا. وقال مقاتل قطعا متفرقة، وقيل صار ستة أجبل ثلاثة بالمدينة أحد وورقان ورضوى، وثلاثة بمكة ثور وثبير وحرا، رواه أنس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم)، وقيل ذهب أعلاه وبقي أسفله، وقيل صار غبارا تذروه الرياح، وقال سفيان: روى أنه انساح في الأرض وأفضى إلى البحر الذي تحت الأرضين، قال ابن الكلبي: فهو يهوي فيه إلى يوم القيامة، وقال الجمهور * (دكا) * أي مدكوكا أو ذا دك وقرأ حمزة والكسائي دكاء على وزن حمراء والدكاء الناقة التي لا سنام لها والمعنى جعله أرضا دكاء تشبيها بالناقة الدكاء، وقال الربيع بن خيثم: ابسط يدك دكاء أي مدها مستوية، وقال الزمخشري والدكاء اسم للرابية الناشرة من الأرض كالدكة
(٣٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 378 379 380 381 382 383 384 385 386 387 388 ... » »»