تفسير البحر المحيط - أبي حيان الأندلسي - ج ٣ - الصفحة ٣٩٢
يستظهرون بها إلا أبطلها ودحضت. وقيل: سبيلا أي ظهورا قاله: الكلبي. ويحمل على الظهور الدائم الكلي، فيؤول معناه إلى أنهم لا يستبيحون بيضة الإسلام وإلا فقد ظهروا في مواطن كأحد قبل.
وقد تضمنت هذه الآيات من الفصاحة والبديع فنونا التجنيس المغاير في: أن يصالحا بينهما صلحا، وفي: فلا تميلوا كل الميل، وفي: فقد ضل ضلالا، وفي: كفروا وكفروا. والتجنيس المماثل في: ويستفتونك ويفتيكم، وفي: صلحا والصلح، وفي: جامع وجميعا. والتكرار في: لفظ النساء، وفي لفظ يتامى، واليتامى، ورسوله، ولفظ الكتاب، وفي آمنوا ثم كفروا، وفي المنافقين. والتشبيه في: كالمعلقة. واللفظ المحتمل للضدين في: ترغبون أن تنكحوهن. والاستعارة في: نشوزا، وفي: وأحضرت الأنفس الشح، وفي: فلا تميلوا، وفي: قوامين، وفي: وإن تلووا أو تعرضوا، وفي: ازدادوا كفرا ولا ليهديهم سبيلا، وفي: يتربصون، وفي: فتح من الله، وفي: ألم نستحوذ، وفي: سبيلا. وهذه كلها للأجسام استعيرت للمعاني. والطباق في: غنيا أو فقيرا، وفي: فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا واتباع الهوى جور وفي الكافرين والمؤمنين. والاختصاص في: بما تعملون خبيرا خص العمل. والالتفات في: وقد نزل عليكم إذا كان الخطاب للمنافقين. والحذف في مواضع.
2 (* (إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم وإذا قاموا إلى الصلواة قاموا كسالى يرآءون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلا * مذبذبين بين ذالك لا إلى هاؤلاء ولا إلى هاؤلاء ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلا * ياأيها الذين ءامنوا لا تتخذوا الكافرين أوليآء من دون المؤمنين أتريدون أن تجعلوا لله عليكم سلطانا مبينا * إن المنافقين فى الدرك الا سفل من النار ولن تجد لهم نصيرا * إلا الذين تابوا وأصلحوا واعتصموا بالله وأخلصوا دينهم لله فأولائك مع المؤمنين وسوف يؤت الله المؤمنين أجرا عظيما * ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وءامنتم وكان الله شاكرا عليما * لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم وكان الله سميعا عليما * إن تبدوا خيرا أو تخفوه أو تعفوا عن سوء فإن الله كان عفوا قديرا * إن الذين يكفرون بالله ورسله ويريدون أن يفرقوا بين الله ورسله ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض ويريدون أن يتخذوا بين ذالك سبيلا * أولائك هم الكافرون حقا وأعتدنا للكافرين عذابا مهينا * والذين ءامنوا بالله ورسله ولم يفرقوا بين أحد منهم أولائك سوف يؤتيهم أجورهم وكان الله غفورا رحيما * يسألك أهل الكتاب أن تنزل عليهم كتابا من السمآء فقد سألوا موسى أكبر من ذالك فقالوا أرنا الله جهرة فأخذتهم الصاعقة بظلمهم ثم اتخذوا العجل من بعد ما جآءتهم البينات فعفونا عن ذالك وءاتينا موسى سلطانا مبينا * ورفعنا فوقهم الطور بميثاقهم وقلنا لهم ادخلوا الباب سجدا وقلنا لهم لا تعدوا فى السبت وأخذنا منهم ميثاقا غليظا * فبما نقضهم ميثاقهم وكفرهم بأايات الله وقتلهم الا نبيآء بغير حق وقولهم قلوبنا غلف بل طبع الله عليها بكفرهم فلا يؤمنون إلا قليلا * وبكفرهم وقولهم على مريم بهتانا عظيما * وقولهم إنا قتلنا المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وما قتلوه وما صلبوه ولاكن شبه لهم وإن الذين اختلفوا فيه لفى شك منه ما لهم به من علم إلا اتباع الظن وما قتلوه يقينا * بل رفعه الله إليه وكان الله عزيزا حكيما * وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته ويوم القيامة يكون عليهم شهيدا) *)) 2 الكسل: التثاقل، والتثبط، والفتور عن الشيء. ويقال: أكسل الرجل إذا جامع فأدركه الفتور ولم ينزل. الذبذبة: الاضطراب بحيث لا يبقى على حال، قاله: ابن عرفة والتردد بين الأمرين. وقال النابغة:
* ألم تر أن الله أعطاك سورة * ترى كل ملك دونها يتذبذب * وقال آخر:
* خيال لأم السلسبيل ودونها * مسيرة شهر للبريد المذبذب * بكسر الثانية. قال ابن جني: أي القلق الذي لا يثبت. قيل: وأصله الذب، وهو ثلاثي الأصل ضعف فقيل: ذبب، ثم أبدل من أحد المضعفين وهي الباء الثانية ذالا فقيل ذبذب، وهذا على أصل الكوفيين. وأما البصريون فهو عندهم رباعي كدحرج.
* (إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم) * تقدم تفسير يخادعون الله في أول البقرة. ومعنى وهو خادعهم: أي منزل الخداع بهم، وهذه عبارة عن عقوبة سماها باسم الذنب. فعقوبتهم في الدنيا ذلهم وخوفهم، وفي الآخرة عذاب جهنم قاله ابن عطية. وقال الحسن، والسدي، وابن جريج، وغيرهم من المفسرين: هذا الخداع هو أنه تعالى يعطي هذه الأمة يوم القيامة نورا لكل إنسان مؤمن أو منافق، فيفرح المنافقون ويظنون أنهم قد
(٣٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 387 388 389 390 391 392 393 394 395 396 397 ... » »»