تفسير البحر المحيط - أبي حيان الأندلسي - ج ٣ - الصفحة ٣٨٨
وقيل: ازدياد كفرهم هو اجتماعهم في استخراج أنواع المكر والكيد في حرب المسلمين، وإلى هذا ذهب: مجاهد وابن زيد. وقال الحسن: هي في الطائفة من أهل الكتاب التي قالت: (آمنوا وجه النهار واكفروا آخره) قصدوا تشكيك المسلمين وازدياد كفرهم هو أنهم بلغوا في ذلك إلى حد الاستهزاء والسخرية بالإسلام. قال قتادة وأبو العالية وطائفة، ورجحه الطبري: هي في اليهود والنصارى، آمنت اليهود بموسى والتوراة ثم كفروا، وآمنت النصارى بعيسى والإنجيل ثم كفروا، ثم ازدادوا كفرا بمحمد صلى الله عليه وسلم)، وضعف هذا القول ابن عطية قال: يدفعه ألفاظ الآية، لأنها في طائفة يتصف كل واحد منها بهذه الصفة من المترددين بين الكفر والإيمان ثم يزداد. وقال بعضهم: هي في اليهود آمنوا بالتوراة وموسى ثم كفرا بعزير، ثم آمنوا بداود، ثم كفروا بعيسى، ثم ازدادوا كفرا عند مقدم محمد صلى الله عليه وسلم). وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن الآية في المترددين، فإن المؤمن إذا ارتد ثم آمن قبلت توبته إلى الثلاث، ثم لا تقبل ويحكم عليه بالنار. وقال القفال: ليس المراد بيان هذا العدد، بل المراد ترددهم كما قال: * (*) * ولذلك جاء بعده بشر المنافقين، فهم مترددون بين إظهار الإيمان والكفر باعتبار من يلقونه. ومعنى ازداد كفرا بأن تم على نفاقه حتى مات. وقيل: ازدياد كفرهم هو اجتماعهم في استخراج أنواع المكر والكيد في حرب المسلمين، وإلى هذا ذهب: مجاهد وابن زيد. وقال الحسن: هي في الطائفة من أهل الكتاب التي قالت: (آمنوا وجه النهار واكفروا آخره) قصدوا تشكيك المسلمين وازدياد كفرهم هو أنهم بلغوا في ذلك إلى حد الاستهزاء والسخرية بالإسلام. قال قتادة وأبو العالية وطائفة، ورجحه الطبري: هي في اليهود والنصارى، آمنت اليهود بموسى والتوراة ثم كفروا، وآمنت النصارى بعيسى والإنجيل ثم كفروا، ثم ازدادوا كفرا بمحمد صلى الله عليه وسلم)، وضعف هذا القول ابن عطية قال: يدفعه ألفاظ الآية، لأنها في طائفة يتصف كل واحد منها بهذه الصفة من المترددين بين الكفر والإيمان ثم يزداد. وقال بعضهم: هي في اليهود آمنوا بالتوراة وموسى ثم كفرا بعزير، ثم آمنوا بداود، ثم كفروا بعيسى، ثم ازدادوا كفرا عند مقدم محمد صلى الله عليه وسلم). وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن الآية في المترددين، فإن المؤمن إذا ارتد ثم آمن قبلت توبته إلى الثلاث، ثم لا تقبل ويحكم عليه بالنار. وقال القفال: ليس المراد بيان هذا العدد، بل المراد ترددهم كما قال: * (مذبذبين بين ذالك) * ويدل عليه قوله: * (بشر المنافقين) *. وقال الزمخشري: المعنى أن الذين تكرر منهم الارتداد وعهد منهم ازدياد الكفر والإصرار عليه يستبعد منهم أن يحدثوا ما يستحقون به المغفرة ويستوجبون اللطف من إيمان صحيح ثابت يرضاه الله، لأن قلوب أولئك الذين هذا ديدنهم قلوب قد ضربت بالكفر، ومرئت على الردة، وكان الإيمان أهون شيء عندهم وأدونه حيث يدلونهم فيه كرة بعد أخرى، وليس المعنى أنهم لو أخلصوا الإيمان بعد تكرار الردة ونصحت توبتهم لم تقبل منهم ولم يغفر لهم، لأن ذلك مقبول حيث هو بذل الطاقة واستفراغ الوسع، ولكنه استبعاد له واستغراب، وأنه أمر لا يكاد يكون. وهكذا نرى الفاسق الذي يتوب ثم يرجع لا يكاد يرجى منه الثبات، والغالب أنه يموت على شر حال وأقبح صورة انتهى كلامه. وفي بعضه ألفاظ من ألفاظ الاعتزال.
* (لم يكن الله ليغفر لهم) * الجمهور على تقدير محذوف أي: ثم ازدادوا كفرا وماتوا على الكفر، لأنه معلوم من هذه الشريعة أنه لو آمن وكفر مرارا ثم تاب عن الكفر وآمن ووافى تائبا، أنه مغفور له ما جناه في كفره السابق وإن تردد فيه مرارا. وقيل: يحمل على قوم معينين علم الله منهم أنهم يموتون على الكفر ولا يتوبون عنه، فيكون قوله: لم يكن الله ليغفر لهم إخبارا عن موتهم على الكفر. وقيل: الكلام خرج على الغالب المعتاد، وهو أن من كان كثير الانتقال من الإسلام إلى الكفر لم يكن للإيمان في قلبه وقع ولا عظم قدر. والظاهر من حال مثل هذا أنه يموت على الكفر.
وفي قوله: لم يكن الله ليغفر لهم، دلالة على أنه مختوم عليهم بانتفاء الغفران وهداية السبيل، وأنهم تقرر عليهم ذلك في الدنيا وهم أحياء، وهذه فائدة المجيء بلام الجحود، ففرق بين لم يكن زيد يقوم وبين لم يكن زيد ليقوم. فالأول ليس فيه إلا انتفاء القيام، والثاني فيه انتفاء الإرادة والإيتاء للقيام، ويلزم من انتفاء إرادة القيام نفي القيام، وقد تقدم لنا الكلام على ذلك مشبعا في سورة آل عمران. وقال الزمخشري: نفي للغفران والهداية، وهي اللطف على سبيل المبالغة التي توطئها اللام، والمراد: بنفيهما نفي ما يقتضيهما وهو الإيمان الخالص الثابت انتهى. وظاهر كلامه أنه يقول بقول الكوفيين، وهو أنهم يقولون: إذا قلت لم يكن زيد ليقوم، أن خبر لم يكن هو قولك ليقوم، واللام للتأكيد زيدت في النفي، والمنفي هو القيام، وليست أن مضمرة بل اللام هي الناصبة. والبصريون يقولون: النصب بإضمار أن، وينسبك من أن المضمرة والفعل بعدها مصدر، وذلك المصدر لا يصح أن يكون خبرا، لأنه معنى والمخبر عنه جثة. ولكن الخبر محذوف، واللام تقوية لتعدية ذلك الخبر إلى المصدر لأنه جثة. وأضمرت أن بعدها وصارت اللام كالعوص من أن المحذوفة، ولذلك لا يجوز حذف هذه اللام، ولا الجمع بينها وبين أن ظاهرة. ومعنى قوله: والمراد بنفيهما نفي ما يقتضيهما أن المعنى لم يكونوا ليؤمنوا فيغفر الله لهم ويهديهم.
* (بشر المنافقين بأن لهم عذابا أليما) * الخطاب للرسول صلى الله عليه وسلم). ومعنى: بشر أخبر، وجاء بلفظ
(٣٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 383 384 385 386 387 388 389 390 391 392 393 ... » »»