تفسير البحر المحيط - أبي حيان الأندلسي - ج ٣ - الصفحة ٢٦١
المثقال: مفعال من الثقل، ومثقال كل شيء وزنه، ولا تظن أنه الدينار لا غير. الذرة: النملة الصغيرة وقيل: أصغر ما تكون إذا مر عليها حول، وقيل في وصفها. الحمراء. قيل: إذا مر عليها حول صغرت وجرت. قال:
* من القاصرات الطرف لو دب محول * من الذر فوق الاتب منها لاثرا * وقال حسان:
* لو يدب الحولى من ولد الذر * ر عليها لأندبتها الكلوم * وقيل عن ابن عباس: الذرة رأس النملة. وقيل عنه: أدخل يده في التراب ورفعها ثم نفخ فيه، وقال: كل واحدة من هؤلاء ذرة. وقيل: كل جزء الهباء في الكوة ذرة. وقيل: الذرة هي الخردلة.
السكر: انسداد طريق التمييز بشرب ما يسكر من قولهم: سكرت عين البازي، إذا خالها النوم. ومنه: سكر النهر إذا أسندت مجاريه وسكرته أنا. والسكر: أيضا بضم السين السد. قال:
* فما زلنا على الشرب * نداوي السكر بالسكر * والسكر: بالفتح ما أسكر، أي منع من التمييز.
الغائط: ما انخفض من الأرض، وجمعه غيطان. ويقال: عيط وغوط. وزعم ابن جني: أن غيطا فعيل، إذ أصله عنده غيط مثل هين وسيد إذا أخففتهما. والصحيح: أنه فعل. كما أن غوطا فعل، لأن العرب قالت: غاط يغوط ويغيط، فأتت به مرة في ذوات الياء، ومرة في ذوات الواو. وجمعوا غوطا على أغواط ويقال: تغوط إذا أحدث وغاط في الأرض يغيط ويغوط غاب فيها حتى لا يظهر إلا لمن وقف عليه. وكان الرجل إذا أراد التبرز ارتاد غائطا من الأرض يستتر فيه عن أعين الناس، ثم قيل: للحدث. نفسه غائطا، كما قيل: سال الميزان وجرى النهر.
* (إن الله لا يظلم مثقال ذرة) * نزلت في المهاجرين الأولين. وقيل: في الخصوم. وقيل: في عامة المؤمنين. ومناسبة هذه لما قبلها واضحة لأنه تعالى لما أمر بعبادته تعالى وبالإحسان للوالدين ومن ذكر معهم، ثم أعقب ذلك بذم البخل والأوصاف المذكورة معه، ثم وبخ من لم يؤمن، ولم ينفق في طاعة الله، فكان هذا كله توطئة لذكر الجزاء على الحسنات والسيئات فأخبر تعالى بصفة عدله، وأنه عز وجل لا يظلم أدنى شيء، ثم أخبر بصفة الإحسان فقال:
* (وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجرا عظيما) * وضرب مثلا لأحقر الأشياء وزن ذرة، وذلك مبالغة عظيمة في الانتفاء عن الظلم البتة. وظاهر قوله: مثقال ذرة، أن الذرة لها وزن. وقيل: الذرة لا وزن لها، وأنه امتحن ذلك فلم يكن لها وزن. وإذا كان تعالى لا يظلم مثقال ذرة فلأن لا يظلم فوق ذلك أبلغ، ولما كانت الذرة أصغر الموجودات ضرب بها المثل في القلة. وقرأ ابن مسعود: مثقال نملة، ولعل ذلك على سبيل الشرح للذرة.
قال الزمخشري: وفيه دليل على أنه لو نقص من أجره أدنى شيء وأصغره، أو زاد في العقاب، لكان ظلما. وأنه لا يفعله لاستحالته في الحكمة، لا لاستحالته
(٢٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 256 257 258 259 260 261 262 263 264 265 266 ... » »»