وعبيدة واستبعد. وقال القرطبي: قولهما صحيح المعنى، لأن المطلوب من المصلي الإقبال على عبادة الله تعالى بقلبه وقالبه، بصرف الأسباب التي تشوش عليه وتقل خشوعه من: نوم، وحقنة، وجوع، وغيره مما يشغل البال. وظاهر الآية يدل على النهي عن قربان الصلاة في حالة السكر. وقيل: المراد النهي عن السكر، لأن الصلاة قد فرضت عليهم وأوقات السكر ليست محفوظة عندهم ولا بمقدرة، لأن السكر قد يقع تارة بالقليل وتارة بالكثير، وإذا لم يتحرر وقت ذلك عندهم تركوا الشرب احتياطا لأداء ما فرض عليهم من الصلوات. وأيضا فالسكر يختلف باختلاف أمزجة الشاربين، فمنهم من سكره الكثير، ومنهم من سكره القليل.
وقرأ الجمهور: سكارى بضم السين. واختلفوا: أهو جمع تكسير؟ أم اسم جمع؟ ومذهب سيبويه أنه جمع تكسير. قال سيبويه في حد تكسير الصفات: وقد يكسرون بعض هذه على فعالى، وذلك قول بعضهم: سكارى وعجالى. فهذا نص منه على أن فعلى جمع. ووهم الأستاذ أبو الحسن بن الباذش فنسب إلى سيبويه أنه اسم جمع، وأن سيبويه بين ذلك في الأبنية. قال ابن الباذش: وهو القياس، لأنه جاء على بناء لم يجيء عليه جمع البتة، وليس في الأبنية إلا نص سيبويه على أنه تكسير، وذلك أنه قال: ويكون فعالى في الاسم نحو حبارى وسماني وكباري، ولا يكون وصفا، إلا أن يكسر عليه الواحد للجمع نحو عجالى وسكارى وكسالى. وحكى السيرافي فيه القولين، ورجح أنه تكسير، وأنه الذي يدل عليه كلام سيبويه. وقرأت فرقة: سكارى بفتح السين نحو ندمان وندامى، وهو جمع تكسير. وقرأ النخعي: سكرى، فاحتمل أن يكون صفة لواحدة مؤنثة كامرأة سكرى، وجرى على جماعة إذ معناه: وأنتم جماعة سكرى. وقال ابن جني: هو جمع سكران على وزن فعلى كقوله: روبي نياما وكقولهم: هلكى وميدي جمع هالك ومائد. وقرأ الأعمش: سكرى بضم السين على وزن حبلى، وتخريجه على أنه صفة لجماعة أي: وأنتم جماعة سكرى. وحكى جناح بن حبيش: كسلى وكسلى بالضم والفتح قاله الزمخشري. ومعنى حتى تعلموا ما تقولون: حتى تصحوا فتعلموا. جعل غاية السبب والمراد السبب، لأنه ما دام سكران لا يعلم ما يقول وظاهر الآية يدل على أن السكران لا يعلم ما يقول، ولذلك ذهب عثمان، وابن عباس، وطاووس، وعطاء، والقاسم، وربيعة، والليث، وإسحاق، وأبو ثور، والمزني إلى أن السكران لا يلزمه طلاق، واختاره الطبري. وقال أجمع العلماء: على أن طلاق المعتوه لا يجوز، والسكران معتوه كالموسوس، معتوه بالوسواس. ولا يختلفون في أن طلاق من ذهب عقله بالبنج غير جائز، فكذلك من سكر من الشراب. وروي عن عمر ومعاوية وجماعة من التابعين: أن طلاقه نافذ عليه وهو قول: أبي حنيفة، والثوري، والأوزاعي. قال أبو حنيفة: أفعاله وعقوده كلها ثابتة كأفعال الصاحي إلا الردة، فإنه إذا ارتد لا تبين امرأته منه. وقال أبو يوسف: يكون مرتدا في حال سكره، وهو قول الشافعي، إلا أنه لا يقتله في حال سكره، ولا يستتيبه. واختلف قوله في الطلاق، وألزم مالك السكران الطلاق والقود في الجراح والعقل، ولم يلزمه النكاح والبيع. قال الماوردي: وقد رويت عندنا رواية شاذة أنه لا يلزمه طلاقه. وقال محمد بن عبد الحكم: لا يلزمه طلاق ولا عتاق. واختلفوا في السكر. فقيل: هو الذي لا يعرف صاحبه الرجل من المرأة قاله: جماعة من السلف، وهو مذهب أبي حنيفة، ويدل عليه قوله: حتى تعلموا ما تقولون. فظاهره يدل على أن السكر الذي يتعلق به الحكم هو الذي لا يعقل صاحبه ما يقول. وقال الثوري: السكر اختلال العقل، فإذا خلط في قراءته وتكلم بما لا يعرف حده. وقال أحمد: إذا تغير عقله في حاله الصحة فهو سكران. وحكى عن مالك نحوه.
قيل: وفي الآية دلالة على أن الشرب كان مباحا في أول الإسلام حتى ينتهي بصاحبه إلى السكر. وقال القفال: يحتمل أنه كان أبيح لهم من الشراب ما يحرك الطبع إلى السخاء