من التناسل: (تناكحوا تناسلوا فإني مكاثر بكم الآمم يوم القيامة).
الثاني: هو محل الوطء أي: ابتغوا المحل المباح الوطء فيه دون ما لم يكتب لكم من المحل المحرم لقوله: * (فأتوهن من حيث أمركم الله) *.
الثالث: هو ما أباحه بعد الحظر، أي: ابتغوا الرخصة والإباحة، قاله قتادة: وابن زيد.
الرابع: وابتغوا ليلة القدر، قاله معاذ بن جبل، وروي عن ابن عباس. قال الزمخشري: وهو قريب من بدع التفاسير.
الخامس: هو القرآن، قاله ابن عباس، والزجاج. أي: ابتغوا ما أبيح لكم وأمرتم به، ويرجحه قراءة الحسن، ومعاوية بن قرة: واتبعوا من الاتباع، ورويت أيضا عن ابن عباس.
السادس: هو الأحوال والأوقات التي أبيح لكم المباشرة فيهن، لأن المباشرة تمتنع في زمن الحيض والنفاس والعدة والردة.
السابع: هو الزوجة والمملوكة كما في قوله تعالى: * (إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم) *.
الثامن: إن ذاك نهي عن العزل لأنه في الحرائر.
وكتب هنا بمعنى: جعل، كقوله: * (كتب فى قلوبهم الإيمان) * أو بمعنى: قضى، أو: بمعنى: أثبت في اللوح المحفوظ، أو: في القرآن.
والظاهر أن هذه الجملة تأكيد لما قبلها، والمعنى، والله أعلم ابتغوا وافعلوا ما أذن الله لكم في فعله من غشيان النساء في جميع ليلة الصيام، ويرجح هذا قراءة الأعم 5:
وأتوا ما كتب الله لكم. وهي قراءة شاذة لمخالفتها سواد المصحف.
* (وكلوا واشربوا) * أمر إباحة أيضا أبيح لهم ثلاثة، الأشياء التي كانت محرمة عليهم في بعض ليلة الصيام * (حتى يتبين) * غاية الثلاثة الأشياء من: الجماع، والأكل، والشرب. وقد تقدم في سبب النزول قصة صرمة بنت قيس، فإحلال الجماع بسبب عمر وغيره، وإحلال الأكل بسبب صرمة أو غيره * (لكم الخيط الابيض من الخيط الاسود) * ظاهره أنه الخيط المعهود، ولذلك كان جماعة من الصحابة إذا أرادوا الصوم ربط أحدهم في رجله خيطا أبيض وخيطا أسود، فلا يزال يأكل ويشرب حتى يتبينا له، إلى أن نزل قوله تعالى: * (من الفجر) * فعلموا أنما عنى بذلك من الليل والنهار.
روي ذلك سهل بن سعد في نزول هذه الآية، وروي أنه كان بين نزول: * (وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الابيض من الخيط الاسود) * وبين نزول * (من الفجر) * سنة من رمضان إلى رمضان.
قال الزمخشري: ومن لا يجوز تأخير البيان وهم أكثر الفقهاء والمتكلمين وهو مذهب أبي علي وأبي هاشم، فلم يصح عندهم هذا الحديث لمعنى حديث سهل بن سعد وأما من يجوزه فيقول: ليس بعبث، لأن المخاطب يستفيد منه وجوب الخطاب، ويعزم على فعله إذا استوضح المراد به. انتهى كلامه. وليس هذا عندي من تأخير البيان إلى وقت الحاجة، بل هو من باب النسخ، ألا ترى أن الصحابة عملت به، أعنى بإجراء اللفظ على ظاهره إلى أن نزلت: من الفجر، فنسخ حمل الخيط الأبيض والخيط الأسود على ظاهرهما، وصارا ذلك مجازين، شبه بالخيط الأبيض ما يبدو من الفجر المعترض في الأفق، وبالأسود ما يمتد معه من غبش الليل، شبها بخيطين أبيض وأسود، وأخرجه من الاستعارة إلى التشبيه قوله: من الفجر، كقولك: رأيت أسدا من زيد، فلو لم يذكر من زيد كان استعارة، وكان التشبيه هنا أبلغ من الاستعارة، لأن الاستعارة لا تكون إلا حيث يدل عليها الحال، أو الكلام وهنا، لو لم يأت: من الفجر، لم يعلم الاستعارة، ولذلك فهم الصحابة الحقيقة من الخيطين قبل نزول من الفجر، حتى إن بعضهم، وهو عدي بن حاتم. غفل عن هذا التشبيه وعن بيان قوله: من الفجر، فحمل الخيطين على الحقيقة. وحكي ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم) فضحك وقال: (إن كان وسادك لعريضا) وروي: (إنك لعريض القفاء). إنما ذاك بياض النهار وسواد الليل، والقفا العريض يستدل