تفسير البحر المحيط - أبي حيان الأندلسي - ج ٢ - الصفحة ٣٤٥
وهذا كلام غير محرر، إذ ما ذكره له قيود.
أولها: أن ذلك لا يختص بالذي بل كل موصول غير الألف واللام حكمه في ذلك حكم الذي بلا خلاف، وفي الألف واللام خلاف، ومذهب سيبويه المنع من دخول الفاء.
الثاني: قوله موصولا بفعل، فأطلق في الفعل واقتصر عليه وليس كذلك، بل شرط الفعل أن يكون قابلا لأداة الشرط، فلو قلت: الذي يأتيني، أو: لما يأتيني، أو: ما يأتيني، أو: ليس يأتيني، فله درهم، لم يجز لأداة الشرط، لا يصلح أن تدخل على شيء من ذلك، وأما الاقتصار على الفعل فليس كذلك، بل الظرف والجار والمجرور كالفعل في ذلك، فمتى كانت الصلة واحدا منهما جاز دخول الفاء. وقوله: وإذا لم يدخل على: الذي، عامل يغير عبارة غير مخلصة، لأن العامل الداخل عليه كائنا ما كان لا يغير معنى الموصول، إنما ينبغي أن يقول: معنى جملة الابتداء في الموصول، وخبره فيخرجه إلى تغيير المعنى الابتدائي من: تمن، أو تشبيه، أو ظن، أو غير ذلك. لو قلت: الذي يزورنا فيحسن إلينا لم يجز، وكان ينبغي أيضا لابن عطية أن يذكر أن شرط دخول الفاء في الخبر أن يكون مستحقا بالصلة، نحو ما جاء في الآية، لأن ترتب الأجر إنما هو على الإنفاق. ومسألة دخول الفاء في خبر المبتدأ يستدعي كلاما طويلا، وفي بعض مسائلها خلاف وتفصيل، قد ذكرنا ذلك في كتاب (لتذكرة) من تأليفنا.
2 (* (الذين يأكلون الربواا لا يقومون إلا كما يقوم الذى يتخبطه الشيطان من المس ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربواا وأحل الله البيع وحرم الربواا فمن جآءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله ومن عاد فأولائك أصحاب النار هم فيها خالدون * يمحق الله الربواا ويربى الصدقات والله لا يحب كل كفار أثيم) *)) 2 الربا: الزيادة يقال: ربا يربو وأرباه، غيره: وأربى الرجل، عامل بالربا، ومنه الربوة والرابي. وقال حاتم:
* وأسمر خطيا كأن كعوبه * نوى القشب قد أربى ذراعا على العشر * وكتب في القرآن بالواو والألف بعدها، ويجوز أن يكتب بالياء للكسرة، وبالألف. وتبدل الباء ميما قالوا: الرما، كماغ أبدلوها في كتب قالوا: كتم، ويثنى: ربوان، بالواو عند البصريين، لأن ألفه منقلبة عنها. وقال الكوفيون: ويكتب بالياء، وكذلك الثلاثي المضموم الأول نحو: ضحى، فتقول: ربيان وضحيان، فإن كان مفتوحا نحو: صفا، فاتفقوا على الواو.
وأما الربا الشرعي فهو محدود في كتب الفقهاء على حسب اختلاف مذاهبهم.
تخبط: تفعل من الخبط وهو الضرب على غير استواء، وخبط البعير الأرض بأخفافه، ويقال للذي يتصرف ولا يهتدي: خبط عشواء، وتورط في عمياء وقول علقمة:
وفي كل حي قد خبطت بنعمة
(٣٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 340 341 342 343 344 345 346 347 348 349 350 ... » »»