لجمال، أو شرف، أو مال أو غير ذلك مما يقع به الإعجاب.
والمعنى: أن المشركة، وإن كانت فائقة في الجمال والمال والنسب، فالأمة المؤمنة خير منها، لأن ما فاقت به المشركة يتعلق بالدنيا، والإيمان يتعلق بالآخرة، والآخرة خير من الدنيا، فبالتوافق في الدين تكمل المحبة ومنافع الدنيا من الصحبة والطاعة وحفظ الأموال والأولاد، وبالتباين في الدين لا تحصل المحبة ولا شيء من منافع الدنيا.
* (ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا) * القراءة بضم التاء إجماع من القراء، والخطاب للأولياء، والمفعول الثاني محذوف، التقدير: ولا تنكحوا المشركين المؤمنات. وأجمعت الأمة على أن المشرك لا يطأ المؤمنة بوجه ما، والنهي هنا للتحريم، وقد استدل بهذا الخطاب على الولاية. في النكاح وأن ذلك نص فيها.
* (ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم) *: الكلام في هذه الجملة كالكلام في الجملة التي قبلها، والخلاف في المراد بالعبد: أهو بمعنى الرقيق أم بمعنى الرجل؟ كهو في الأمة هناك، وهل المعنى: خير من حر مشرك، حتى يقابل العبد؟ أو من مشرك على الإطلاق فيشمل العبد والحر، كما هو في قوله: خير من مشركة؟
* (أولئك يدعون إلى النار) * هذه إشارة إلى الصنفين، المشركات والمشركين، و: يدعون، يحتمل أن يكون الدعاء بالقول، كقول: * (وقالوا كونوا هودا أو نصارى تهتدوا) * ويحتمل أن لا يكون القول، بل بسبب المحبة والمخالطة تسرق إليه من طباع الكفار ما يحمله على الموافقة لهم في دينهم، والعياذ بالله، فتكون من أهل النار.
وقيل: معناه يدعون إلى ترك المحاربة والقتال، وفي تركهما وجوب استحقاق النار، وتفرق صاحب هذا التأويل بين الذمية وغيرها، فإن الذمية لا يحمل زوجها على المقاتلة.
وقيل: المعنى أن الولد الذي يحدث ربما دعاه الكافر إلى الكفر فيوافق، فيكون من أهل النار، والذي يدل عليه ظاهر الآية: أن الكفار يدعون إلى النار قطعا، إما بالقول. وأما أن تؤدي إليه الخلطة، والتآلف والتناكح، والمعنى: أن من كان داعيا إلى النار يجب اجتنابه لئلا يستميل بدعائه دائما معاشره فيجيبه إلى ما دعاه، فيهلك.
وفي هذه الآية تنبيه على العلة المانعة من المناكحة في الكفار، لما هم عليه من الالتباس بالمحرمات من: الخمر والخنزير، والانغماس في القاذورات، وتربية النسل وسرقة الطباع من طباعهم، وغير ذلك مما لا تعادل فيه شهوة النكاح في بعض ما هم عليه، وإذا نظر إلى هذه العلة فهي موجودة في كل كافر وكافرة فتقتضي المنع من المناكحة مطلقا. وسيأتي الكلام في سورة المائدة إن شاء الله تعالى، ونبدي هناك إن شاء الله كونها لا تعارض هذه.
و: إلى، متعلق بيدعون كقوله: * (والله يدعو إلى دار السلام) * ويتعدى أيضا باللام، كقوله.
دعوت لما نابني مسورا ومفعول يدعون محذوف: إما اقتصارا إذا المقصود إثبات أن من شأنهم الدعاء إلى النار من غير ملاحظة مفعول خاص، وإما اختصارا، فالمعنى: أولئك يدعونكم إلى النار.
* (والله يدعو إلى * الجنة والمغفرة) * هذا مما يؤكد منع مناكحة الكفار، إذ ذكر قسمان: أحدهما يجب اتباعه، وآخر يجب اجتنابه، فتباين القسمان، ولا يمكن إجابة دعاء الله واتباع ما أمر به إلا باجتناب دعاء الكفار وتركهم رأسا، ودعاء الله إلى اتباع دينه الذي هو سبب في دخول الجنة، فعبر بالمسبب عن السبب لترتبه عليه.
وظاهر الآية الإخبار عن الله تعالى بأنه هو تعالى يدعو إلى الجنة، وقال الزمخشري: يعنى: وأولياء الله وهم المؤمنون يدعون إلى الجنة والمغفرة، وما يوصل إليهما، فهم الذين تجب موالاتهم ومصاهرتهم، وأن يؤثروا على غيرهم. انتهى. وحامله على أن ذلك هو على حذف مضاف طلب المعادلة بين المشركين والمؤمنين في الدعاء، فلما أخبر عن من أشرك أنه يدعو إلى النار، جعل من آمن يدعو إلى الجنة، ولا يلزم ما ذكر، بل إجراء اللفظ على ظاهره من نسبة الدعاء إلى الله تعالى هو آكد في التباعد من المشركين، حيث جعل موجد العالم منافيا لهم في الدعاء، فهذا أبلغ من المعادلة بين