التسهيل لعلوم التنزيل - الغرناطي الكلبي - ج ٤ - الصفحة ٨٤
بتأكيد لأن التأكيد لا يزيد على ثلاث مرات * (خلق الإنسان من صلصال كالفخار) * الإنسان هو آدم والصلصال الطين اليابس فإذا طبخ فهو فخار * (وخلق الجان من مارج من نار) * الجان الجن يعني إبليس والد الجن والمارج اللهيب المضطرب من النار * (رب المشرقين ورب المغربين) * يريد مشرق الشمس والقمر ومغرب الشمس والقمر وقيل مشرقي الصيف والشتاء ومغربيهما * (مرج البحرين يلتقيان) * ذكر في الفرقان أي يلتقي ماء هذا وماء هذا وذلك إذا نزل المطر في البحر على القول بأن البحر العذب هو المطر وأما على القول بأن البحر العذب هو الأنهار والعيون فالتقاؤهما بانصباب الأنهار في البحر وأما على قول من قال إن االبحرين بحر فارس وبحر الروم أو بحر القلزم واليمن فضعيف لقوله في الفرقان * (هذا عذب فرات وهذا ملح أجاج) * وكل واحد من هذه أجاج والمراد بالبحرين في هذه السورة ما أراد في الفرقان * (بينهما برزخ) * أي حاجز يعني جرم الأرض أو حاجز من قدرة الله * (لا يبغيان) * أي لا يبغى أحدهما على الآخر بالاختلاط وقيل لا يبغيان على الناس بالفيض * (يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان) * اللؤلؤ كبار الجوهر والمرجان صغاره وقيل بالعكس وقيل إن المرجان أحجار حمر قال ابن عطية وهذا هو الصواب وأما قوله منهما ولا يخرج إلا من أحدهما فقد تكلمنا عليه في فاطر * (وله الجوار المنشآت في البحر كالأعلام) * يعني السفن وسماها منشآت لأن الناس ينشؤنها وقرئ بكسر الشين بمعنى أنها تنشئ السير أو تنشئ الموج والأعلام الجبال شبه السفن بها * (كل من عليها فان) * الضمير في عليها للأرض يدل على ذلك سياق الكلام وإن لم يتقدم لها ذكر ويعني بمن عليها بني آدم وغيرهم من الحيوان ولكنه غلب العقلاء * (ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام) * الوجه هنا عبارة عن الذات وذو الجلال صفة الذات لأن من أسمائه تعالى الجليل ومعناه يقرب من معنى العظيم وأما وصفه بالإكرام فيحتمل أن يكون بمعنى أنه يكرم عباده كما قال * (ولقد كرمنا بني آدم) * أو بمعنى أن عباده يكرمونه بتوحيده وتسبيحه وعبادته * (يسأله من في السماوات والأرض) * المعنى أن كل من في السماوات والأرض يسأل حاجته من الله فمنهم من يسأله بلسان المقال وهم المؤمنون ومنهم من يسأله بلسان الحال لافتقار الجميع إليه * (كل يوم هو في شأن) * المعنى أنه تعالى يتصرف في ملكوته تصرفا يظهر في كل يوم من العطاء والمنع والإماتة والإحياء وغير ذلك وروى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأها فقيل له وما ذلك الشأن قال من شأنه أن يغفر ذنبا ويفرج كربا ويرفع قوما ويضع آخرين وسئل بعضهم كيف قال كل يوم هو في شأن والقلم قد جف بما هو كائن إلى يوم القيامة فقال هو في شأن يبديه لا في شأن يبتديه " سنفرغ لكم أيه الثقلان " معناه الوعيد كقولك لمن تهدده سأفرغ لعقوبتك وليس المراد التفرغ من
(٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 ... » »»