التسهيل لعلوم التنزيل - الغرناطي الكلبي - ج ٤ - الصفحة ٨
صدورهم إلا كبر) أي تكبر وتعاظم يمنعهم من أن يتبعوك أو ينقادوا إليك وقيل كبرهم أنهم أرادوا النبوة لأنفسهم ورأوا أنهم أحق بها والأول أظهر لأن إرادتهم النبوة لأنفسهم حسد والأول هو الكبر * (ما هم ببالغيه) * أي لا يبلغون ما يقتضيه كبرهم من الظهور عليك ومن نيل النبوة * (فاستعذ بالله) * أي استعذ من شرهم لأنهم أعداء لك واستعذ من مثل حالهم في الكبر والحسد واستعذ بالله في جميع أمورك على الإطلاق * (لخلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس) * الخلق هنا مصدر مضاف إلى المفعول والمراد به الاستدال على البعث لأن الإله الذي خلق السماوات والأرض على كبرها قادر على إعادة الأجسام بعد فنائها وقيل المراد توبيخ الكفار المتكبرين كأنه قال خلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس فما بال هؤلاء يتكبرون على خالقهم وهم من أصغر مخلوقاته وأحقرهم والأول أرجح لوروده في مواضع من القرآن لأنه قال بعده إن الساعة لآتية لا ريب فيها فقدم الدليل ثم ذكر المدلول * (وقال ربكم ادعوني أستجب لكم) * الدعاء هنا هو الطلب والرغبة وهذا وعد مقيدبالمشيئة وهي موافقة القدر لمن أراد أن يستجيب له وقيل ادعوني هنا بمعنى اعبدوني بدليل قوله بعده إن الذين يستكبرون عن عبادتي وقوله صلى الله عليه وسلم الدعاء هو العبادة ثم تلا الآية وأستجب لكم على هذا القول بمعنى أغفر لكم أو أعطيكم أجوركم والأول أظهر ويكون قوله ويستكبرون عن عبادتي بمعني يستكبرون عن الرغبة إلى كما قال صلى الله عليه وسلم من لم يسأل الله يغضب عليه وأما قوله صلى الله عليه وسلم الدعاء هو العبادة فمعناه أن الدعاء والرغبة إلى الله هي العبادة لأن الدعاء يظهر فيه افتقار العبد وتضرعه إلى الله * (داخرين) * أي صاغرين * (لتسكنوا فيه) * ذكر في يونس * (ورزقكم من الطيبات) * يعني المستلذات لأنه إذا جاء ذكر الطيبات في معرض الإنعام فيرادبه المستلذات وإذا جاء في معرض التحليل والتحريم فيرادبه الحلال والحرام * (الحمد لله رب العالمين) * هذا متصل بما قبله قال ذلك ابن عطية والزمخشري وتقديره ادعوه مخلصين قائلين الحمد لله رب العالمين ولذلك قال ابن عباس من قال لا إله إلا الله فليقل الحمد لله رب العالمين ويحتمل
(٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 ... » »»