التسهيل لعلوم التنزيل - الغرناطي الكلبي - ج ٤ - الصفحة ٣
بحيث لا يفعلونها أو يكون المعنى قهم جزاء السيئات فلا تؤاخذهم بها * (إن الذين كفروا ينادون لمقت الله أكبر من مقتكم أنفسكم) * المقت البغض الذي يوجبه ذنب أوعيب وهذه الحال تكون للكفار عند دخولهم النار فإنهم إذا دخلوها مقتوا أنفسهم أي مقت بعضهم بعضا ويحتمل أن يمقت كل واحد منهم نفسه فتناديهم الملائكة وتقول لهم مقت الله لكم في الدنيا على كفركم أكبر من مقتكم أنفسكم اليوم فقوله لمقت الله مصدرمضاف إلى الفاعل وحذف المفعول لدلالة مفعول مقتكم عليه وقوله إذ تدعون ظرف العامل فيه مقت الله عاما من طريق المعنى ويمتنع أن يعمل فيه من طريق قوانين النحو لأن مقت الله مصدر فلا يجوز أن يفصل بينه وبين بعض صلته فيحتاج أن يقدر للظرف عامل وعلى هذا أجاز بعضهم الوقف على قوله أنفسكم والابتداء بالظرف وهذا ضعيف لأن المراعي المعنى وقد جعل الزمخشري مقت الله عاما في الظرف ولم يعتبر الفصل * (قالوا ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين) * هذه الآية كقوله وكنتم أمواتا فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم فالموتة الأولى عبارة عن كونهم عدما أو كونهم في الأصلاب أو في الآرحام والموتة الثانية الموت المعروف والحياة الآولى حياة الدنيا والحياة الثانية حياة البعث في القيامة وقيل الحياة الأولى حياة الدنيا والثانية الحياة في القبر والموتة الأولى الموت المعروف والموتة الثانية بعد حياة القبر وهذا قول فاسد لأنه لابد من الحياة للبعث فتجيء الحياة ثلاث مرات فإن قيل كيف اتصال قولهم أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين بما قبله فالجواب أنهم كانوا في الدنيا يكفرون بالبعث فلمادخلوا النار مقتوا أنفسهم على ذلك فأقروا به حينئذ ليرضوا الله بإقرارهم حينئذ فقولهم أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين إقرار بالبعث على أكمل الوجوه طمعا منهم أن يخرجوا عن المقت الذي مقتهم الله إذ كانوا يدعون إلى الإسلام فيكفرون * (فاعترفنا بذنوبنا) * الفاء هنا رابطة معناها التسبب فإن قيل كيف يكون قولهم أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين سببا لاعترافهم بالذنوب فالجواب أنهم كانوا كافرين بالبعث فلمارأوا الإماتة والإحياء قد تكرر عليهم علموا أن الله قادر على البعث فاعترفوا بذنوبهم وهي إنكار البعث وما أوجب لهم إنكاره من المعاصي فإن من لم يؤمن بالآخرة لا يبالي بالوقوع في المعاصي * (ذلكم بأنه إذا دعي الله وحده كفرتم) * الباء سببية للتعليل والإشارة بذلكم يحتمل أن تكون للعذاب الذي هم فيه أو إلى مقت الله لهم أو مقتهم لأنفسهم والأحسن أن تكون إشارة إلى ما يقتضيه سياق الكلام وذلك أنهم لما قالوا فهل إلى خروج من سبيل كأنهم قيل لهم لا سبيل إلى الخروج فالإشارة بقوله ذلكم إلى عدم خروجهم من النار * (يريكم آياته) * يعني العلامات الدالة عليه من مخلوقاته ومعجزات رسله * (وينزل لكم من السماء رزقا) * يعني المطر * (رفيع الدرجات) * يحتمل أن يكون المعنى مرتفع الدرجات فيكون بمعنى العالي أو رافع
(٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « 1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 ... » »»