التسهيل لعلوم التنزيل - الغرناطي الكلبي - ج ٤ - الصفحة ٥
موسى * (أو أن يظهر في الأرض الفساد) * يعني فساد أحوالهم في الدنيا وقرئ وأن يظهر بالواو وبأو ويظهر بفتح الياء ورفع الفساد على الفاعلية وبضم الياء ونصب الفساد على المفعولية * (وقال موسى إني عذت) * الآية لما سمع موسى ما هم به فرعون من قتله استعاذ بالله فعصمه الله منه وقال من كل متكبر ليشمل فرعون وغيره وليكون فيه وصف لغير فرعون بذلك الوصف القبيح * (وقال رجل مؤمن من آل فرعون) * قيل اسم هذا الرجل حبيب وقيل حزقيل وقيل شمعون بالشين المعجمة وروي أن هذا الرجل المؤمن كان ابن عم فرعون فقوله من آل فرعون صفة للمؤمن وقيل كان من بني إسرائيل فقوله من آل فرعون على هذا يتعلق بقوله يكتم إيمانه والأول أرجح لأنه لا يحتاج فيه إلى تقديم وتأخير ولقوله * (فمن ينصرنا من بأس الله) * لأن هذا كلام قريب شفيق ولأن بني إسرائيل حينئذ كانوا أذلاء بحيث لا يتكلم أحد منهم بمثل هذا لكلام و * (ان يقول) * في موضع المفعول من أجله تقديره أتقتلونه من أجل أن يقول ربي الله * (وإن يك كاذبا فعليه كذبه) * أي إن كان موسى كاذبا في دعوى الرسالة فلا يضركم كذبه فلأي شيء تقتلونه فإن قيل كيف قال وإن يك كاذبا بعد أن كان قد آمن به فالجواب أنه لم يقل ذلك على وجه التكذيب له وإنما قاله على وجه الفرض والتقدير وقصد بذلك المحاجة لقومه فقسم أمر موسى إلى قسمين ليقيم عليهم الحجة في ترك قتله على كل وجه من القسمين * (وإن يك صادقا يصبكم بعض الذي يعدكم) * قيل إن بعض هنا بمعنى كل وذلك بعيد وإنما قال بعض ولم يقل كل مع أن الذي يصيبهم هو كل ما يعدهم ليلاطفهم في الكلام ويبعد عن التعصب لموسى ويظهر النصيحة لفرعون وقومه فيرتجي إجابتهم للحق * (وقال الذي آمن) * هو المؤمن المذكور أولا وقيل هو موسى عليه السلام وهذا بعيد وإنما توهموا ذلك لأنه صرح هنا بالإيمان وكان كلام المؤمن أولا غير صريح بل كان فيه تورية وملاطفة لقومه إذ كان يكتم ايمانه والجواب أنه كتم إيمانه أول الأمر ثم صرح به بعد ذلك وجاهرهم مجاهرة ظاهرة لما وثق بالله حسبما حكى الله من كلامه إلى قوله * (فستذكرون ما أقول لكم وأفوض أمري إلى الله) * * (يوم التناد) * يعني يوم القيامة وسمى بذلك لأن المنادي ينادي الناس وذلك قوله " يوم ندعو كل أناس " وقيل لأن بعضهم ينادي بعضا أي ينادي أهل الجنة
(٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « 1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 ... » »»