فأعرض أكثرهم لأن الإعراض ليس من صفة المؤمنين وقيل يعلمون لسان العرب فيفهمون القرآن إذ هو بلغتهم وقوله لقوم يتعلق بتنزيل أو فصلت والأحسن أن يكون صفة لكتاب * (فهم لا يسمعون) * أي لا يقبلون ولا يطيعون وعبر عن ذلك بعدم السماع على وجه المبالغة * (في أكنة) * جمع كان وهو الغطاء " ومن بيننا و بينك حجاب " عبارة عن بعدهم عن الاسلام * (فاعمل إننا عاملون) * قيل معناه اعمل على دينك إننا عاملون على ديننا فهي متاركة وقيل اعمل في إبطال أمرنا إننا عاملون في إبطال أمرك فهو تهديد * (الذين لا يؤتون الزكاة) * هي زكاة المال وإنما خصها بالذكر لصعوبتها على الناس ولإنها من أركان الإسلام وقيل يعني بالزكاة التوحيد وهذا بعيد وإنما حمله على ذلك لأن لآيات مكية لم تفرض الزكاة إلا بالمدينة والجواب أن المراد الفقه في طاعة الله مطلقا وقد كانت مأمورا بها بمكة * (أجر غير ممنون) * أي غير مقطوع من قولك مننت الحبل إذا قطعته وقيل غير منقوص قيل غير محصور وقيل لايمن عليهم به لأن المن يكدر الإحسان * (أندادا) * أي أمثالا وأشباها من الأصنام وغيرها * (رواسي) * يعني الجبال * (وبارك فيها) * أكثر خيرها * (وقدر فيها أقواتها) * أي أرزاق أهلها ومعاشهم وقيل يعني أقوات الأرض من المعادن وغيرها من الأشياء التي بها قوام الأرض والأول أظهر * (في أربعة أيام) * يريد أن الأربعة كملت باليومين الأولين فخلق الأرض في يومين وجعل فيها ما ذكر في يومين فتلك أربعة أيام وخلق السماوات في يومين فتلك ستة أيام حسبما ذكر في مواضع كثيرة ولو كانت هذه الأربعة الأيام زيادة على اليومين المذكورين قبلها لكانت الجملة ثمانية أيام بخلاف ما ذكر في المواضع الكثيرة * (سواء) * بالنصب مصدر تقديره استوت استواء قاله الزمخشري وقال ابن عطية انتصب على الحال * (للسائلين) * قيل معناه لمن سأل عن أمرها وقيل معناه للطالبين لها ويعني بالطلب على هذا حاجة الخلق إليها وحرف الجر يتعلق بمحذوف على القول الأول تقديره يبين ذلك لمن سأل عنه ويتعلق بقدر على القول الثاني " تم استوى إلى السماء " أي قصد إليها ويقتضي هذا الترتيب أن الأرض خلقت قبل السماء فإن قيل كيف الجمع بين ذلك وبين قوله * (والأرض بعد ذلك دحاها) * فالجواب أنها خلقت قبل السماء ثم دحيت بعد ذلك * (وهي دخان) * روى أنه كان العرش على الماء فأخرج إليه من الماء دخان فارتفع فوق الماء فأيبس الماء فصار أرضا ثم خلق السماوات من الدخان المرتفع * (فقال لها وللأرض ائتيا طوعا أو كرها) * هذه عبارة عن لزوم طاعتهما كما يقول الملك لمن تحت يده افعل كذا شئت أو أبيت أي لابد لك من فعله وقيل تقديره ائتيا طوعا وإلا أتيتما كرها ومعنى هذا الإتيان تصويرهما على الكيفية التي أرادها الله وقوله لهما ائتيا مجاز وهو عبارة عن تكوينه
(١١)