المؤمنين عن استئصال أهل مكة بالقتل وذلك أنه كان بمكة رجال مؤمنون ونساء مؤمنات يخفون إيمانهم فلو سلط الله المسلمين على أهل مكة لقتلوا أولئك المؤمنين وهم لا يعرفونهم ولكن كفهم رحمة للمؤمنين الذين كانوا بين أظهرهم وجواب لولا محذوف تقديره لولا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات لسلطناكم عليهم " أن تطئوهم " في موضع بدل من رجال ونساء أو بدل من الضمير المفعول في لم تعلموهم والوطء هنا الإهلاك بالسيف وغيره * (فتصيبكم منهم معرة) * أي تصيبكم من قتلهم مشقة وكراهة واختلف هل يعني الإثم في قتلهم أو الدية أو الكفارة أو الملامة أو عيب الكفار لهم بأن يقولوا قتلوا أهل دينهم أو تألم نفوسهم من قتل المؤمنين وهذا أظهر لأن قتل المؤمن الذي لا يعلم إيمانه وهو بين أهل الحرب لا إثم فيه ولا دية ولا ملامة ولا عيب * (ليدخل الله في رحمته من يشاء) * يعني رحمة للمؤمنين الذين كانوا بين أظهر الكفار بأن كف سيوف المسلمين عن الكفار من أجلهم أو رحمة لمن شاء من الكفار بأن يسلموا بعد ذلك واللام تتعلق بمحذوف يدل عليه سياق الكلام تقديره كان كف القتل عن أهل مكة ليدخل الله في رحمته من يشاء * (لو تزيلوا لعذبنا الذين كفروا) * معنى تزيلوا تميزوا عن الكفار والضمير للمؤمنين المستورين الإيمان أي لو انفصلوا عن الكفار لعذبنا الكفار فقوله لعذبنا جواب لو الثانية وجواب الأولى محذوف كما ذكرنا ويحتمل أن يكون لعذبنا جواب لو الأولى وكررت لو الثانية تأكيدا * (إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية) * يعني أنفة الكفر وهي منعهم للنبي صلى الله عليه وسلم والمسلمين عن العمرة ومنعهم من أن يكتب في كتاب الصلح بسم الله الرحمن الرحيم ومنعهم من أن يكتب محمد رسول الله وقولهم لو نعلم أنك رسول الله لاتبعناك ولكن اكتب اسمك واسم أبيك والعامل في إذ جعل محذوف تقديره اذكر أو قوله لعذبنا والسكينة هي سكون المسلمين ووقارهم حين جرى ذلك * (وألزمهم كلمة التقوى) * قال الجمهور هي لا إله إلا الله وقد روى ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقيل لا إله إلا الله محمد رسول الله وقيل لا إله إلا الله والله أكبر وهذه كلها متقاربة وقيل هي بسم الله الرحمن الرحيم التي أبى الكفار أن تكتب * (وكانوا أحق بها وأهلها) * أي كانوا كذلك في علم الله وسابق قضائه لهم أحق بها من اليهود والنصارى * (لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق) * كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد رأى في منامه عند خروجه إلى العمرة أنه يطوف بالبيت هو وأصحابه بعضهم محلقون وبعضهم مقصرون وروى أنه أتاه ملك في النوم فقال له لتدخلن المسجد الحرام الآية فأخبر الناس برؤياه ذلك فظنوا أن ذلك يكون في ذلك العام فلما صده المشركون عن العمرة عام الحديبية قال المنافقون أين الرؤيا ووقع في نفوس المسلمين شئ من ذلك فأنزل الله تعالى لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق أي تلك الرؤيا صادقة وسيخرج تأويلها بعد ذلك فاطمأنت قلوب المؤمنين وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في العام المقبل هو وأصحابه فدخلوا مكة واعتمروا وأقاموا بمكة ثلاثة أيام وظهر صدق رؤياه وتلك عمرة القضية ثم فتح مكة بعد ذلك ثم حج هو وأصحابه وصدق في هذا الموضع
(٥٥)