أنه في الجنة وقبل أن يعلم أن المؤمنين في الجنة وأن الكفار في النار وهذا بعيد لأنه لم يزل يعلم ذلك من أول ما بعثه الله والثاني أنها في أمر الدنيا أي لا أدري بما يقضي الله علي وعليكم فإن مقادير الله مغيبة وهذا هو الأظهر الثالث ما أدري ما يفعل بي ولا بكم من الأوامر والنواهي وما تلزمه الشريعة الرابع أن هذا كان في الهجرة إذ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قدر أي في المنام أنه يهاجر إلى أرض بها نخل فقلق المسلمون لتأخير ذلك فنزلت هذه الآية * (قل أرأيتم إن كان من عند الله ثم كفرتم به) * معنى الآية أرأيتم إن كان القرآن من عند الله وكفرتم به ألستم ظالمين ثم حذف قوله ألستم ظالمين وهو الجواب لأنه دل على أن الله لا يهدي القوم الظالمين * (وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله) * هذه الجملة معطوفة على الجملة التي قبلها فالمعنى أرأيتم إن اجتمع كون القرآن من عند الله مع شهادة شاهد من بني إسرائيل على مثله ثم آمن به هذا الشاهد وكفرتم أنتم ألستم أضل الناس وأظلم الناس واختلف في الشاهد المذكور على ثلاثة أقوال أحدها أنه عبد الله بن سلام فقيل على هذا إن الآية مدنية لأنه إنما أسلم بالمدينة وقيل إنها مكية وأخبر بشهادته قبل وقوعها ثم وقعت على حسب ما أخبر وكان عبد الله بن سلام يقول في نزلت الآية الثاني أنه رجل من بني إسرائيل كان بمكة الثالث أنه موسى عليه السلام ورجح ذلك الطبري والضمير في مثله للقرآن أي يشهد على مثله فيما جاء به من التوحيد والوعد والوعيد والضمير في آمن للشاهد فإن كان عبد الله بن سلام أو الرجل الآخر فإيمانه بين وإن كان موسى عليه السلام فإيمانه هو تصديقه بأمر محمد صلى الله عليه وسلم وتبشيره به * (وقال الذين كفروا للذين آمنوا لو كان خيرا ما سبقونا إليه) * أي لو كان الإسلام خيرا ما سبقنا إليه هؤلاء والقائلون لهذه المقالة هم أكابر قريش لما أسلم الضعفاء كبلال وعمار وصهيب وقيل بل قالها كنانة وقبائل من العرب لما أسلمت غفار ومزينة وجهينة وقيل بل قالها اليهود لما أسلم عبد الله ابن سلام والأول أرجح لأن الآية مكية وكانت مقالة قريش بمكة وأما مقالة الآخرين فإنما كانت بعد الهجرة ومعنى الذين آمنوا من أجل الذين آمنوا أي قالوا ذلك عنهم في غيبتهم وليس المعنى أنهم خاطبوهم بهذا الكلام لأنه لو كان خطابا لقالوا ما سبقتمونا * (وإذ لم يهتدوا به فسيقولون هذا إفك قديم) * أي لما لم يهتدوا قالوا هذا إفك قديم ونحو هذا ما جاء في المثل من جهل شيئا عاداه ووصفه بالقدم لأنه قد قيل قديما فإن قيل كيف تعمل فسيقولون في إذ وهي للماضي والعامل مستقبل فالجواب أن العامل في إذ محذوف تقديره إذ لم يهتدوا به ظهر عنادهم فسيقولون قال ذلك الزمخشري ويظهر لي أن إذ هنا بمعنى التعليل لا ظرفية بمعنى الماضي فلا يلزم السؤال والمعنى أنهم قالوا هذا إفك بسبب أنهم لم يهتدوا به وقد جاءت إذ بمعنى التعليل في القرآن وفي كلام العرب ومنه * (ولن ينفعكم اليوم إذ ظلمتم) * أي بسبب ظلمكم * (ومن قبله كتاب موسى إماما ورحمة) * الضمير في قبله للقرآن وكتاب موسى هو التوراة وإما ما حال ومعناه يقتدي به * (وهذا كتاب مصدق لسانا عربيا) * الإشارة بهذا إلى القرآن ومعنى مصدق مصدق بما قبله من الكتب وقد
(٤٢)