وذلك أن الله وعدهم أن يعوضهم من غنيمة مكة غنيمة خيبر وفتحها وأن يكون ذلك مختصا بهم دون غيرهم وأراد المخلفون أن يشاركوهم في ذلك فهذا هو ما أرادوا من التبديل وقيل كلام الله قوله فلن تخرجوا معي أبدا ولن تقاتلوا معي عدوا وهذا ضعيف لأن هذه الآية نزلت بعد رجوع رسول الله صلى الله عليه وسلم من تبوك بعد الحديبية بمدة * (كذلكم قال الله من قبل) * يريد وعده باختصاصه أهل الحديبية بغنائم خيبر * (فسيقولون بل تحسدوننا) * معناه يعز عليكم أن نصيب معكم مالا وغنيمة وبل هنا للإضراب عن الكلام المتقدم وهو قوله لن تتبعونا كذلكم قال الله من قبل فمعناها رد أن يكون الله حكم بأن لايتبعوهم وأمابل في قوله تعالى بل كانوا لا يفقهون إلا قليلا فهي إضراب عن وصف المؤمنين بالحسد وإثبات لوصف المخلفين بالجهل * (ستدعون إلى قوم أولي بأس شديد) * اختلف في هؤلاء القوم على أربعة أقوال الأول أنهم هوازن ومن حارب النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة خيبر والثاني أنهم الروم إذ دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قتالهم في غزوة تبوك والثالث أنهم أهل الردة من بني حنيفة وغيرهم الذين قاتلهم أبو بكر الصديق والرابع أنهم االفرس ويتقوى الأول والثاني بأن ذلك ظهر في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم وقوى المنذر بن سعيد القول الثالث بأن الله جعل حكمهم القتل أو الإسلام ولم يذكر الجزية قال وهذا لا يوجد إلا في أهل الردة قلت وكذلك هو موجود في كفار العرب إذ لا تؤخذ منهم الجزية فيقوى ذلك أنهم هوازن أو يسلمون عطف على تقاتلونهم وقال ابن عطية هو مستأنف * (وإن تتولوا كما توليتم من قبل) * يريد في غزوة الحديبية * (ليس على الأعمى حرج) * الآية معناها أن الله تعالى عذر الأعمى والأعرج والمريض في تركهم للجهاد لسبب أعذارهم * (لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة) * قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يدخل النار إن شاء الله أحد من أهل الشجرة الذين بايعوا تحتها وفي الحديث أنهم كانوا ألفا وأربعمائة وقيل ألفا وخمسمائة وسبب هذه البيعة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما بلغ الحديبية وهي موضع على نحو عشرة أميال من مكة أرسل عثمان بن عفان رضي الله عنه رسولا إلى أهل مكة يخبرهم أنه إنما جاء ليعتمر وأنه لا يريد حربا فلما وصل إليهم عثمان حبسه أقاربه كرامة له فصرخ صارخ أن عثمان قد قتل فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس إلى البيعة على القتال وأن لا يفر أحد وقيل بايعوه على الموت ثم جاء عثمان بعد ذلك سالما وانعقد الصلح بين رسول الله صد وبين أهل مكة على أن يرجع ذلك العام ويعتمر في العام القابل والشجرة المذكورة كان سمرة هنالك ثم ذهبت بعد سنين فمر عمر بن الخطاب بالموضع في خلافة فاختلف الصحابة في
(٥٣)