التسهيل لعلوم التنزيل - الغرناطي الكلبي - ج ٤ - الصفحة ٤٧
أي هزمتموهم والإثخان أن يكثر فيهم القتل والأسر * (فشدوا الوثاق) * عبارة عن الأسر * (فإما منا بعد وإما فداء) * المن العتق والفداء فك الأسير بمال وهما جائزان فإن مذهب مالك أن الإمام مخير في الأساري بين خمسة أشياء وهي المن والفداء والقتل والاسترقاق وضرب الجزية وقيل لا يجوز المن ولا الفداء لأن الآية منسوخة بقوله اقتلوا المشركين فلا يجوز على هذا إلا قتلهم والصحيح أنها محكمة وانتصب منا وفداء على المصدرية والعامل فيهما فعلان مضمران * (حتى تضع الحرب أوزارها) * الأوزار في اللغة الأثقال فالمعنى حتى تذهب وتزول أثقالها وهي آلاتها وقيل الأوزار الآثام لأن الحرب لابد أن يكون فيها إثم في أحد الجانبين واختلف في الغاية المرادة هنا فقيل حتى يسلموا الجميع فحينئذ تضع الحرب أوزارها وقيل حتى تقتلوهم وتغلبوهم وقيل حتى ينزل عيسى ابن مريم قال ابن عطية ظاهر اللفظ أنها استعارة يراد بها التزام الأمر أبدا كما تقول أنا فاعل ذلك إلى يوم القيامة * (ذلك) * تقديره الأمر ذلك * (ولو يشاء الله لانتصر منهم) * أو لو شاء الله لأهلك الكفار بعذاب من عنده ولكنه تعالى أراد اختبار المؤمنين وأن يبلو بعض الناس ببعض * (عرفها لهم) * أي جعلهم يعرفون منازلهم فيها فهو من المعرفة وقيل معناه طيبها لهم فهو من العرف وهو طيب الرائحة وقيل معناه شرفها ورفعها فهو من الأعراف التي هي الجبال " فتعسا لهم أي عثارا وهلاكا وانتصابه على المصدرية والعامل فيه فعل مضمر وعلى هذا الفعل عطف وأضل أعمالهم " وللكافرين أمثالها " أي لكفار قريش أمثال عاقبه الكفار المتقدمين من الدمار والهلاك " مولى الذين آمنوا " أي وليهم وناصرهم وكذلك وأن الكافرين لا مولى لهم معناه لا ناصر لهم ولا يصح أن يكون المولى هنا بمعنى السيد لأن الله مولى المؤمنين والكافرين بهذا المعنى ولا تعارض بين هذه الآية وبين قوله وردوا إلى الله مولاهم الحق لأن معنى المولى مختلف في الموضعين فمعنى مولاهم الحق ربهم وهذا على العموم في جميع الخلق بخلاف قوله مولى الذين آمنوا فإنه خاص بالمؤمنين لأنه بمعنى الولي والناصر " ويأكلون كما تأكل الأنعام " عبارة عن كثرة أكلهم وعن غفلتهم عن النظر كالبهائم " من قريتك التي أخرجتك " يعني مكة وخروجه صلى الله عليه وسلم من وقت الهجرة ونسب الإخراج إلى القرية والمراد أهلها لأنهم آذوه حتى خرج " أهلكناهم " الضمير للقرى المتقدمة المذكورة في قوله وكأين من قرية وجمعه حملا على المعنى والمراد
(٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 ... » »»