وقيل يعني العى في الكلام وقوله ولا يكاد يبين يقتضي أنه كان يبين لأن كاد إذا نفيت تقتضي الإثبات * (فلولا ألقي عليه أسورة من ذهب) * يريد لولا ألقاها الله إليه كرامة له ودلالة على نبوته والأسورة جمع سوار وأسوار وهو ما يجعل في الذراع من الحلى وكان الرجال حينئذ يجعلونه * (مقترنين) * أي مقترنين به لا يفارقونه أو متقارنين بعضهم مع بعض ليشهدوا له ويقيموا الحجة * (فاستخف قومه) * أي طلب خفتهم بهذه المقالة واستهوى عقولهم * (آسفونا) * أي أغضبونا * (فجعلناهم سلفا ومثلا للآخرين) * السلف بفتح السين واللام جمع سالف وقرئ بضمها جمع سليف ومعناه متقدم أي تقدم قبل الكفار ليكون موعظة لهم ومثلا يعتبرون به لئلا يصيبهم مثل ذلك * (ولما ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك منه يصدون) * روى عن ابن عباس وغيره في تفسيره هذه الآية أنه لما نزل في القرآن ذكر عيسى ابن مريم والثناء عليه قالت قريش ما يريد محمد إلا أن نعبده نحن كما عبدت النصارى عيسى فهذا كان صدودهم من ضربه مثلا حكى ذلك ابن عطية والذي ضرب المثل على هذا هو الله في القرآن ويصدون بمعنى يعرضون وقال الزمخشري لما قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم على قريش إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم امتعضوا من ذلك وقال عبد الله بن الزبعري أخاصة لنا ولآلهتنا أم لجميع الأمم فقال صلى الله عليه وسلم هو لكم ولآلهتكم ولجميع الأمم فقال خصمتك ورب الكعبة ألست تزعم أن عيسى ابن مريم نبي وتثنى عليه خيرا وقد علمت أن النصارى عبدوه فإن كان عيسى في النار فقد رضينا أن نكون نحن وآلهتنا معه ففرحت قريش بذلك وضحكوا وسكت النبي صلى الله عليه وسلم فأنزل الله تعالى إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون ونزلت هذه الآية فالمعنى على هذا لما ضرب ابن الزبعري عيسى مثلا وجادل رسول الله صلى الله عليه وسلم بعبادة النصارى إياه إذا قريش من هذا المثل يصدون أي يضحكون ويصيحون من الفرح وهذا المعنى إنما يجري على قراءة يصدون بكسر الصاد بمعنى الضجيج والصياح " وقالوا أآلهتنا خير أم هو " يعنون بهو عيسى والمعنى أنهم قالوا آلهتنا خير أم عيسى فإن كان عيسى يدخل النار فقد رضينا أن نكون نحن وآلهتنا معه لأنه خير من آلهتنا وهذا الكلام من تمام ما قبله على ما ذكره الزمخشري في تفسير الآية التي قبله وأما على ما ذكر ابن عطية فهذا ابتداء معنى آخر وحكى الزمخشري في معنى هذه الآية قولا آخر وهو أنهم لما سمعوا ذكر عيسى قالوا نحن أهدى من النصارى لأنهم عبدوا آدميا ونحن عبدنا الملائكة وقالوا آلهتنا وهم الملائكة خير أم عيسى فمقصدهم تفضيل آلهتهم على عيسى وقيل إن قولهم أم هو يعنون به محمدا صلى الله عليه وسلم فإنهم لما قالوا إنما يريد محمد أن نعبده كما عبدت النصارى عيسى قالوا أآلهتنا خير أم هو يريدون تفضيل آلهتهم على محمد والأظهر أن المراد بهو عيسى وهو قول الجمهور ويدل على ذلك تقدم ذكره * (ما ضربوه لك إلا جدلا) * أي ما ضربوا لك هذا المثال إلا على وجه الجدل وهو أن
(٣١)