التسهيل لعلوم التنزيل - الغرناطي الكلبي - ج ٤ - الصفحة ٢١٠
* (واسجد واقترب) * أي تقرب إلى الله بالسجود كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فاجتهدوا في الدعاء وهذا موضع سجدة عند الشافعي وليست عند مالك من عزائم السجود سورة القدر اختلف الناس في ليلة القدر على ستة عشر قولا وهي أنها ليلة إحدى وعشرين من رمضان وليلة ثلاث وعشرين وليلة خمس وعشرين وليلة سبع وعشرين وليلة تسع وعشرين فهذه خمسة أقوال في ليالي الأوتار من العشر الأواخر من رمضان على قول من ابتدأ عدتها من أول العشر وقد ابتدأ بعضهم عدتها من آخر الشهر فجعل ليالي الأوتار ليلة ثلاثين لأنها الأولى وليلة ثمان وعشرين لأنها الثانية وليلة ستة وعشرين لأنها الخامسة وليلة أربع وعشرين لأنها السابعة وليلة اثنين وعشرين لأنها التاسعة فهذه خمسة أقوال أخر فتلك عشرة أقوال والقول الحادي عشر أنها تدور في العشر الأواخر ولا تثبت في ليلة واحدة منه الثاني عشر أنها مخفية في رمضان كله وهذا ضعيف لقوله صلى الله عليه وسلم التمسوها في العشر الأواخر الثالث عشر أنها مخفية في العام كله الرابع عشر أنها ليلة النصف من شعبان وهذان القولان باطلان لأن الله تعالى قال إنا أنزلناه في ليلة القدر وقال شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن فدل ذلك على أن ليلة القدر في رمضان القول الخامس عشر أنها رفعت بعد النبي صلى الله عليه وسلم وهذا ضعيف القول السادس عشر أنها ليلة سبعة عشر من رمضان لأن وقعة بدر كانت صبيحة هذه الليلة وأرجح الأقوال أنها ليلة إحدى وعشرين من رمضان أو ليلة ثلاث وعشرين أو ليلة سبع وعشرين فقد جاءت في هذه الليالي الثلاث أحاديث صحيحة خرجها مسلم وغيره والأشهر أنها ليلة سبع وعشرين * (إنا أنزلناه في ليلة القدر) * الضمير في أنزلناه للقرآن دل على ذلك سياق الكلام وفي ذلك تعظيم للقرآن من ثلاثة أوجه أحدها أنه ذكر ضميره دون اسمه الظاهر دلالة على شهرته والاستغناء عن تسميته والثاني أنه اختار لإنزاله أفضل الأوقات والثالث أن الله أسند إنزاله إلى نفسه وفي كيفية إنزاله في ليلة القدر قولان أحدهما أنه ابتدأ إنزاله فيها والآخر أنه أنزل القرآن فيها جملة واحدة إلى السماء ثم نزل به جبريل إلى الأرض بطول عشرين سنة وقيل المعنى أنزلناه في شأن ليلة القدر وذكرها وهذا ضعيف وسميت ليلة القدر من تقدير الأمور فيها أو من القدر بمعنى الشرف ويترجح الأول بقوله فيها يفرق كل أمر حكيم * (وما أدراك ما ليلة القدر) * هذا تعظيم لها قال بعضهم كل ما قال فيه ما أدراك فقد علمه النبي صلى الله عليه وسلم وما قال فيه ما يدريك فإنه لا يعلمه * (ليلة القدر خير من ألف شهر) * معناه أن من قامها كتب الله له أجر العبادة في ألف شهر قال بعضهم يعني في ألف شهر ليس فيها ليلة القدر وفي الحديث الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا فغفر له ما تقدم من ذنبه وسبب الآية أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر رجلا ممن تقدم عبد الله ألف شهر فعجب المسلمون من ذلك ورأوا أن أعمارهم تنقص عن ذلك فأعطاهم الله ليلة القدر وجعلها خيرا من العبادة في تلك المدة الطويلة
(٢١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 205 206 207 208 209 210 211 212 213 214 215 ... » »»