فقيل له ما هذا فقال لقد اعترض بيني وبينه خندق من نار وهول وأجنحة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو دنا مني لاختطفته الملائكة عضوا عضوا * (أرأيت إن كان على الهدى أو أمر بالتقوى) * أرأيت في الموضع الذي قبله والذي بعده بمعنى أخبرني فكأنه سؤال يفتقر إلى جواب وفيها معنى التعجيب والتوقيف والخطاب فيها يحتمل أن يكون للنبي صلى الله عليه وسلم أو لكل مخاطب من غير تعيين وهي تتعدى إلى مفعولين وجاءت بعدها إن الشرطية في موضعين وهما قوله إن كان على الهدى وقوله إن كذب وتولى فيحتاج إلى الكلام في مفعول أرأيت في المواضع الثلاثة وفي جواب الشرطين وفي الضمائر المتصلة بهذه الأفعال وهي إن كان على الهدى وأمر بالتقوى وكذب وتولى على من تعود هذه الضمائر فقال الزمخشري إن قوله الذي ينهى هو المفعول الأول لقوله أرأيت الأولى وأن الجملة الشرطية بعد ذلك في موضع المفعول الثاني وكررت أرأيت بعد ذلك للتأكيد فهي زائدة لا تحتاج إلى مفعول وإن قوله ألم يعلم بأن الله يرى هو جواب قوله إن كذب وتولى فهو في المعنى جواب للشرطين معا وأن الضمير في قوله إن كان على الهدى أو أمر بالتقوى الذي نهى عن الصلاة وهو أبو جهل وكذلك الضمير في قوله إن كذب وتولى وتقدير الكلام على هذا أخبرني عن الذي ينهى عبدا إذا صلى إن كان هذا الناهي على الهدى أو كذب وتولى ألم يعلم بأن الله يرى جميع أحواله من هداه وضلاله وتكذيبه ونهيه عن الصلاة وغير ذلك فمقصود الآية تهديد له وزجر وإعلام بأن الله يراه وخالفه ابن عطية في الضمائر فقال إن الضمير في قوله إن كان على الهدى أو أمر بالتقوى للعبد الذي صلى وأن الضمير في قوله إن كذب وتولى للذي نهى عن الصلاة وخالفه أيضا في جعله أرأيت الثانية مكررة للتأكيد وقال إنها في المواضع الثلاثة توقيف وأن جوابه في المواضع الثلاثة قوله ألم يعلم بأن الله يرى فإنه يصلح مع كل واحد منها ولكنه جاء في آخر الكلام اختصارا وخالفهما أيضا الغزنوي في الجواب فقال إن جواب قوله إن كان على الهدى محذوف فقال إن تقديره إن كان على الهدى أو أمر بالتقوى أليس هو على الحق واتباعه واجب والضمير على هذا يعود على العبد الذي صلى وفاقا لابن عطية * (لئن لم ينته لنسفعا بالناصية) * أو عد أبا جهل إن لم ينته عن كفره وطغيانه أن يؤخذ بناصيته فيلقى في النار والناصية مقدم الرأس فهو كقوله * (فيؤخذ بالنواصي والأقدام) * والسفع هنا الجذب والقبض على الشئ وقيل هو الإحراق من قولك سفعته النار وأكد لنسفعا باللام والنون الخفيفة وكتبت في المصحف بالألف مراعاة للوقف ويظهر لي أن هذا الوعيد نفذ عليه يوم بدر حين قتل وأخذ بناصيته فجر إلى القليب * (ناصية كاذبة خاطئة) * أبدل ناصية من الناصية ووصفها بالكذب والخطيئة تجوزا والكاذب الخاطئ في الحقيقة صاحبها والخاطئ الذي يفعل الذنب متعمدا والمخطئ الذي يفعله بغير قصد * (فليدع ناديه) * النادي والندى المجلس الذي يجتمع فيه الناس وكان أبو جهل قد قال أيتوعدني محمد فوالله ما بالوادي أعظم ناديا منى فنزلت الآية تهديدا وتعجيزا له والمعنى فليدع أهل نادية لنصرته إن قدروا على ذلك ثم أوعده بأن يدعو له زبانية جهنم وهم الملائكة الموكلون بالعذاب والزبانية في اللغة الشرط واحدهم زبنية وقيل زبنى وفي الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لو دعا نادية لأخذته الزبانية عيانا
(٢٠٩)