التسهيل لعلوم التنزيل - الغرناطي الكلبي - ج ٤ - الصفحة ٢١١
وروى أن الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنهما عوتب حين بايع معاوية فقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى في المنام بني أمية ينزون على منبره نزو القردة وأعلمه أنهم يملكون أمر الناس ألف شهر فاهتم لذلك فأعطاه الله ليلة القدر وهي خير من ملك بني أمية ألف شهر ثم كشف الغيب أنه كان من بيعة الحسن لمعاوية إلى قتل مروان الجعدي آخر ملوك بني أمية بالمشرق ألف شهر * (تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم) * الروح هنا جبريل عليه السلام وقيل صنف من الملائكة لا تراهم الملائكة إلا تلك الليلة وتنزلهم هو إلى الأرض وقيل إلى السماء الدنيا وهو تعظيم لليلة القدر ورحمة للمؤمنين القائمين فيها * (من كل أمر) * هذا متعلق بما قبله والمعنى أن الملائكة ينزلون ليلة القدر من أجل كل أمر يقضى الله في ذلك العام فإنه روى أن الله يعلم الملائكة بكل ما يكون في ذلك العام من الآجال والأرزاق وغير ذلك ليمتثلوا ذلك في العام كله وقيل على هذا المعنى أن من بمعنى الباء أي ينزلون بكل أمر وهذا ضعيف وقيل إن المجرور يتعلق بعده والمعنى أنها سلام من كل أمر أي سلامة من الآفات قال مجاهد لا يصيب أحد فيها داء والأظهر أن الكلام تم عند قوله من كل أمر ثم ابتدأ قوله سلام هي واختلف في معنى سلام فقيل إنه من السلامة وقيل إنه من التحية لأن الملائكة يسلمون على المؤمنين القائمين فيها وكذلك اختلف في إعرابه فقيل سلام هي مبتدأ وخبر وهذا يصح سواء جعلناه متصلا مع ما قبله أو منقطعا عنه وقيل سلام خبر مبتدأ مضمر تقديره أمرها سلام أو القول فيها سلام وهي مبتدأ خبره حتى مطلع الفجر أي هي دائمة إلى طلوع الفجر ويختلف الوقف باختلاف الاعراب وقال ابن عباس إن قوله هي إشارة إلى أنها ليلة سبع وعشرين لأن هذه الكلمة هي السابعة والعشرين من كلمات السورة سورة لم يكن ذكر الله الكفار ثم قسمهم إلى صنفين أهل الكتاب والمشركين وذكر أن جميعهم لم يكونوا منفكين حتى تأتيهم البينة وتقوم عليهم الحجة ببعث رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعنى منفكين منفصلين ثم اختلف في هذا الانفصال على أربعة أقوال أحدها أن المعنى لم يكونوا منفصلين عن كفرهم حتى تأتيهم البينة لتقوم عليهم الحجة الثاني لم يكونوا منفصلين عن معرفة نبوة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم حتى بعثه الله الثالث اختاره ابن عطية وهو لم يكونوا منفصلين عن نظر الله وقدرته حتى يبعث الله إليهم رسولا يقيم عليهم الحجة الرابع وهو الأظهر عندي أن المعنى لم يكونوا لينفصلوا من الدنيا حتى بعث الله لهم سيدنا محمد ص فقامت عليهم الحجة لأنهم لو انفصلت الدنيا دون بعثه لقالوا ربنا لولا أرسلت إلينا رسولا فلما بعثه الله لم يبق لهم عذر ولا حجة فمنفكين على هذا كقولك لا تبرح أو لا تزول حتى يكون كذا وكذا * (رسول من الله) * يعني سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وإعرابه بدل من البينة أو خبر ابتداء مضمر " يتلوا صحفا مطهرة " يعني
(٢١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 206 207 208 209 210 211 212 213 214 215 216 ... » »»