سبعون ألف ملك يجرونها " يؤمئذ يتذكر الإنسان " يومئذ بدل من إذا دكت ويتذكر هو العامل وهو جواب إذا دكت والمعنى أن الانسان يتذكر يوم القيامة لأعماله في الدنيا ويندم على تفريطه وعصيانه والإنسان هنا جنس وقيل يعني عتبة بن ربيعة وقيل أمية بن خلف * (وأنى له الذكرى) * هذا على حذف تقديره أنى له الانتفاع بالذكرى كما تقول ندم حين لم تنفعه الندامة * (يقول يا ليتني قدمت لحياتي) * فيه وجهان أحدهما أنه يريد الحياة في الآخرة فالمعنى يا ليتني قدمت عملا صالحا للآخرة والآخر أنه يريد الحياة الدنيا فالمعنى يا ليتني قدمت عملا صالحا وقت حياتي فاللام على هذا كقوله كتبت لعشر من الشهر * (فيومئذ لا يعذب عذابه أحد) * من قرأ بكسر الذال من يعذب والثاء من يوثق فالضمير في عذابه ووثاقة لله تعالى والمعنى أن الله يتولى عذاب الكفار ولا يكله إلى أحد ومن قرأ بالفتح فالضمير للإنسان أي لا يعذب أحد مثل عذابه ولا يوثق أحد مثل وثاقه وهذه قراءة الكسائي وروى أن أبا عمر ورجع إليها وهي قراءة حسنة وقد رويت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم * (يا أيتها النفس المطمئنة) * أي الموقنة يقينا قد اطمأنت به بحيث لا يتطرق إليها شك في الإيمان وقيل المطمئنة التي لا تخاف حينئذ ويؤيد هذا قراءة أبي بن كعب " يا أيتها النفس الآمنة المطمئنة " * (ارجعي إلى ربك) * هذا الخطاب والنداء يكون عند الموت وقيل عند البعث وقيل عند انصراف الناس إلى الجنة أو النار والأول أرجح لما روى أن أبا بكر سأل عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له يا أبا بكر إن الملك سيقولها لك عند موتك * (راضية) * معناه راضية بما أعطاها الله أو راضية عن الله ومعنى المرضية مرضية عند الله أو أرضاها الله بما أعطاها * (فادخلي في عبادي) * أي ادخلي في جملة عبادي الصالحين وقرئ فادخلي في عبدي بالتوحيد معناه ادخلي في جسده وهو خطاب للنفس ونزلت هذه الآية في حمزة وقيل في خبيب بن عدي الذي صلبه الكفار بمكة ولفظها يعم كل نفس مطمئنة سورة البلد * (لا أقسم بهذا البلد) * أراد مكة باتفاق وأقسم بها تشريفا لها ولا زائدة * (وأنت حل بهذا البلد) * هذه جملة اعتراض بين القسم وما بعده وفي معناها ثلاثة أقوال أحدها أن المعنى أنت حال بهذا البلد أي ساكن لأن السورة نزلت والنبي صلى الله عليه وسلم بمكة والآخر أن معنى حل تستحل حرمتك ويؤذيك الكفار مع أن مكة لا يحل فيها قتل صيد ولا بشر ولا قطع شجر وعلى هذا قيل لا أقسم يعني لا أقسم بهذا البلد وأنت تلحقك فيه إذاية الثالث أن معنى حل حلال يجوز لك في هذا البلد ما شئت من قتلك الكفار وغير
(١٩٩)