ربي أهانني ويتعلق بالآية سؤالان السؤال الأول لم أنكر الله على الإنسان قوله ربي أكرمني وربي أهاني والجواب من وجهين أحدهما أن الإنسان يقول ربي أكرمني على وجه الفخر بذلك والكبر لا على وجه الشكر ويقول ربي أهانني على وجه التشكى من الله وقلة الصبر والتسليم لقضاء الله فأنكر عليه ما يقتضيه كلامه من ذلك فإن الواجب عليه أن يشكر على الخير ويصبر على الشر والآخر أن الإنسان اعتبر الدنيا فجعل بسط الرزق فيها كرامة وتضييقه إهانة وليس الأمر كذلك فإن الله قد يبسط الرزق لأعدائه ويضيقه على أوليائه فأنكر الله عليه اعتبار الدنيا والغفلة عن الآخرة وهذا الإنكار من هذا الوجه على المؤمن وأما الكافر فإنما اعتبر الدنيا لأنه لا يصدق بالآخرة ويرى أن الدنيا هي الغاية فأنكر عليه ما يقتضيه كلامه من ذلك السؤال الثاني إن قيل قد قال الله فأكرمه فأثبت إكرامه فكيف أنكر عليه قوله ربي أكرمني فالجواب من ثلاثة أوجه الأول أنه لم ينكر عليه ذكره للإكرام وإنما أنكر عليه ما يدل عليه كلامه من الفخر وقلة الشكر أو من اعتبار الدنيا دون الآخرة حسبما ذكرنا في معنى الإنكار الثاني أنه أنكر عليه قوله ربي أكرمني إذا اعتقد أن إكرام الله له باستحقاقه للإكرام على وجه التفضل والانعام كقول قارون إنما أوتيته على علم عندي الثالث أن الإنكار إنما هو لقوله ربي أهاني لا لقوله ربي أكرمني فإن قوله ربي أكرمني اعتراف بنعمة الله وقوله ربي أهانني شكاية من فعل الله * (فقدر عليه رزقه) * أي ضيقه وقرئ بتشديد الدال وتخفيفها بمعنى واحد وفي التشديد مبالغة وقيل معنى التشديد جعله على قدر معلوم * (كلا) * زجر عما أنكر من قول الإنسان * (بل لا تكرمون اليتيم) * هذا ذم لما ذكر من الأعمال القبيحة ومعنى هذا الاضراب ببل كأنه أنكر على الإنسان ما تقدم ثم قال بل تفعلون ما هو شر من ذلك وهو ألا تكرموا اليتيم وما ذكر بعده قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب البيوت إلى الله بيت فيه يتيم مكرم " ولا تحضون على طعام المسكين " الحض على الأمر هو الترغيب فيه ومن لا يحض غيره على أمر فلا يفعله هو كأنه ذم لترك طعام المسكين والطعام هنا بمعنى الإطعام وقيل هو على حذف مضاف تقديره لا تحضون على بذل طعام المسكين وقرئ تحاضون بفتح الحاء وألف بعدها بمعنى لا يحض بعضكم بعضا * (وتأكلون التراث أكلا لما) * التراث هو ما يورث عن الميت من المال والتاء فيه بدل من الواو واللم الجمع واللف والتقدير أكلا ذا لم وهو أن يأخذ في الميراث نصيبه ونصيب غيره لأن العرب كانوا لا يعطون من الميراث أنثى ولا صغيرا بل ينفرد به الرجال " وتحبون المال حباجما " أي شديدا كثيرا وهذا ذم للحرص على المال وشدة الرغبة فيه * (دكت الأرض) * أي سويت جبالها * (دكا دكا) * أي دكا بعد دك كما تقول تعلمت العلم بابا بابا * (وجاء ربك) * تأويله عند المتأولين جاء أمره وسلطانه وقال المنذر بن سعيد معناه ظهوره للخلق هنالك وهذه الآية وأمثالها من المشكلات التي يجب الإيمان بها من غير تكييف ولا تمثيل * (والملك) * هو اسم جنس فإنه روى أن الملائكة كلهم يكونون صفوفا حول الأرض * (صفا صفا) * أي صفا بعد صف قد أحدقوا بالجن والإنس " وجئ يومئذ بجهنم " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤتى يومئذ بجهنم معها سبعون ألف زمام مع كل زمام
(١٩٨)