التسهيل لعلوم التنزيل - الغرناطي الكلبي - ج ٤ - الصفحة ٢٠٤
ابن خلف وقابل به الأتقى وهو أبو بكر الصديق فخرج الكلام مخرج المدح والذم على الخصوص لا مخرج الإخبار على العموم * (يتزكى) * من أداء الزكاة أو من الزكاة أي يصير زكيا عند الله أو يتطهر من ذنوبه وهذا الفعل بدل من يؤتى ماله أو حال من الضمير * (وما لأحد عنده من نعمة تجزى) * أي لا يفعل الخير جزاء على نعمة أنعم بها عليه أحد فيما تقدم بل يفعله ابتداء خالصا لوجه الله وقيل المعنى لا يقصد جزاء من أحد في المستقبل على ما يفعل والأول أظهر ويؤيده ما روى أن سبب الآية أن أبا بكر الصديق لما أعتق بلالا قالت قريش كان لبلال عنده يد متقدمة فنفى الله قولهم * (إلا ابتغاء وجه ربه) * استثناء منقطع * (ولسوف يرضى) * وعد بأن يرضيه الله في الآخرة سورة والضحى * (والضحى) * ذكر في الشمس وضحاها * (والليل إذا سجى) * فيه أربعة أقوال إذا أقبل وإذا أدبر وإذا أظلم وإذا سكن أي استقر واستوى أو سكن فيه الناس والأصوات ومنه ليلة ساجية إذا كانت ساكنة الريح وطرف ساج أي ساكن غير مضطرب النظر وهذا أقرب في الاشتقاق وهو اختيار ابن عطية * (ما ودعك ربك وما قلى) * بتشديد الدال من الوداع وقرئ بتخفيفها بمعنى ما تركك والوداع مبالغة في الترك * (وما قلى) * أي ما أبغضبك وحذف ضمير المفعول من قلى وآوى وهدى وأغنى اختصارا لظهور المعنى ولموافقة رؤس الآي وسبب الآية أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أبطأ عليه الوحي فقالت قريش إن محمدا ودعه ربه وقلاه فنزلت الآية تكذيبا لهم وقيل رمى علية الصلاة والسلام بحجر في أصبعه فدميت فمكث ليلتين أو ثلاثا لا يقوم فقالت امرأة ما أرى شيطان محمد إلا قد تركه فنزلت الآية " ولا الآخرة خير لك من الأولى " أي الدار الآخرة خير لك من الدنيا قال ابن عطية ويحتمل أن يريد بالآخرة حاله بعد نزول هذه السورة ويريد بالأولى حاله قبل نزولها وهذا بعيد والأول أظهر وأشهر * (ولسوف يعطيك ربك فترضى) * روى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لما نزلت إذا لا أرضى أن يبقى واحد من أمتي في النار قال بعضهم هذه أرجى آية في القرآن وقال ابن عباس رضاه أن الله وعده بألف قصر في الجنة بما يحتاج إليه من النعم والخدم وقيل رضاه في الدنيا بفتح مكة وغيره والصحيح أنه وعد يعم كل ما أعطاه الله في الآخرة وكل ما أعطاه في الدنيا من النصر والفتوح وكثرة المسلمين وغير ذلك * (ألم يجدك يتيما فآوى) * عدد الله نعمه عليه فيما مضى من عمره ليقيس عليه ما يستقبل فتطيب نفسه ويقوى رجاءه ووجد في هذه المواضع تتعدى إلى مفعولين وهي بمعنى علم فالمعنى ألم تكن يتيما فآواك وذلك أن والده عليه السلام توفى وتركه في بطن أمه ثم ماتت أمه وهو ابن خمسة أعوام وقيل ثمانية فكفله جده عبد المطلب ثم مات وتركه ابن اثني عشر عاما فكفله عمه أبو طالب وقيل لجعفر الصادق لم نشأ النبي صلى الله عليه وسلم يتيما فقال لئلا يكون عليه حق
(٢٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 199 200 201 202 203 204 205 206 207 208 209 ... » »»