قائم والمراد على هذا ليلة جمع لأنها التي يسرى فيها والأول أشهر وأظهر * (هل في ذلك قسم لذي حجر) * هذا توقيف يراد به تعظيم الأشياء التي أقسم بها والحجر هنا هو العقل كأنه يقول إن هذا لقسم عظيم عند ذوى العقول وجواب القسم محذوف وهو ليأخذن الله الكفار ويدل على ذلك ما ذكره بعده من أخذ عاد وثمود وفرعون " إرم " هي قبيلة عاد سميت باسم أحد أجدادها كما يقال هاشم لبني هاشم وإعرابه بدل من عاد أو عطف بيان وفائدته أن المراد عاد الأولى فإن عادا الثانية لا يسمون بهذا الاسم وقيل إرم اسم مدينتهم فهو على حذف مضاف تقديره بعاد عاد إرم ويدل على هذا قراءة ابن الزبير بعاد إرم على الإضافة من غير تنوين عاد وامتنع إرم من الصرف على القولين للتعريف والتأنيث * (ذات العماد) * من قال إرم قبيلة قال العماد أعمدة بنيانهم أو أعمدة بيوتهم من الشعر لأنهم كانوا أهل عمود وقال ابن عباس ذلك كناية عن طول أبدانهم ومن قال إرم مدينة فالعماد الحجارة التي بنيت بها وقيل القصور والأبراج * (التي لم يخلق مثلها في البلاد) * صفة للقبيلة لأنهم كانوا أعظم الناس أجساما يقال كان طول الرجل منهم أربعمائة ذراع أو صفة للمدينة وهذا أظهر لقوله في البلاد ولأنها كانت أحسن مدائن الدنيا وروى أنها بناها شداد بن عاد في ثلاثمائة عام وكان عمره تسعمائة عام وجعل قصورها من الذهب والفضة وأساطينها من الزبرجد والياقوت وفيها أنواع الشجر والأنهار الجارية وروى أنه سمع ذكر الجنة فأراد أن يعمل مثلها فلما أتمها وسار إليها بأهل مملكته أهلكهم الله بصيحة وكانت هذه المدينة باليمن وروى أن بعض المسلمين مر بها في خلافة معاوية وقيل هي دمشق وقيل الإسكندرية وهذا ضعيف * (جابوا الصخر بالواد) * أي نقبوه ونحتوا فيه بيوتا والوادي ما بين الجبلين وإن لم يكن فيها ماء وقيل أراد وادي القرى * (وفرعون ذي الأوتاد) * ذكر في سورة داود * (الذين طغوا في البلاد) * صفة لعاد وتمود وفرعون ويجوز أن يكون منصوبا على الذم أو خبر ابتداء مضمر * (فصب عليهم ربك سوط عذاب) * استعارة السوط للعذاب لأنه يقتضي من التكرار مالا يقتضيه السيف وغيره قاله ابن عطية وقال الزمخشري ذكر السوط إشارة إلى عذاب الدنيا إذ هو أهون من عذاب الآخرة كما أن السوط أهون من القتل * (إن ربك لبالمرصاد) * عبارة عن أنه تعالى حاضر بعلمه في كل مكان وكل زمان ورقيب على كل إنسان وأنه لا يفوته أحد من الجبابرة والكفار وفي ذلك تهديد لكفار قريش وغيرهم والمرصاد المكان الذي يترقب فيه االرصد * (فأما الإنسان إذا ما ابتلاه ربه) * الابتلاء هو الاختبار واختبار الله لعبده لتقوم الحجة على العبد بما يبدو منه وقد كان الله عالما بذلك قبل كونه والإنسان هنا جنس وقيل نزلت في عتبة بن ربيعة وهي مع ذلك على العموم فيمن كان على هذه الصفة وذكر الله في هذه الآية ابتلاءه للإنسان بالخير ثم ذكر بعده ابتلاءه بالشر كما قال في * (ونبلوكم بالشر والخير) * وأنكر عليه قوله حين الخير ربي أكرمن وقوله حين الشر
(١٩٧)