سورة الليل * (والليل إذا يغشى) * أي يغطي وحذف المفعول وهو الشمس لقوله والليل إذا يغشاها أو النهار لقوله يغشى الليل النهار أو كل شئ يستره الليل * (والنهار إذا تجلى) * أي ظهر وتبين والنهار من طلوع الشمس واليوم من طلوع الفجر * (وما خلق الذكر والأنثى) * ما بمعنى من والمراد بها الله تعالى وعدل عن من لقصد الوصف كأنه قال والقادر الذي خلق الذكر والأنثى وقيل هي مصدرية وروى ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ والذكر والأنثى * (إن سعيكم لشتى) * هذا جواب القسم ومعناه إن عملكم مختلف فمنه حسنات ومنه سيئات وشتى جمع شتيت * (فأما من أعطى) * أي أعطى ماله في الزكاة والصدقة وشبه ذلك أو أعطى حقوق الله من طاعته في جميع الأشياء واتقى الله * (وصدق بالحسنى) * أي بالخصلة الحسنة وهي الاسلام ولذلك عبر عنها بعضهم بأنها لا إله إلا الله أو بالمثوبة الحسنى وهي الجنة وقيل يعني الأجر والثواب على الاطلاق وقيل يعني الخلف على المنفق * (فسنيسره لليسرى) * أي نهيؤه للطريقة اليسرى وهي فعل الخيرات وترك السيئات وضد ذلك تيسيره للعسرى ومنه قوله صلى الله عليه وسلم اعملوا فكل ميسر لما خلق له أي يهيؤه الله لما قدر له ويسهل عليه فعل الخير أو الشر * (وأما من بخل واستغنى) * أي بخل بماله أو بطاعة الله على الإطلاق فيحتمل الوجهين لأنه في مقابلة أعطى كما أن استغنى في مقابلة اتقى وكذلك كذب بالحسنى في مقابلة صدق بالحسنى ونيسره للعسرى في مقابلة نيسره لليسرى ومعنى استغنى استغنى عن الله فلم يطعه واستغنى بالدنيا عن الآخرة ونزلت آية المدح في أبي بكر الصديق لأنه أنفق ماله في مرضات الله وكان يشتري من أسلم من العبيد فيعتقهم وقيل نزلت في أبي الدحداح وهذا ضعيف لأنها مكية وإنما أسلم أبو الدحداح بالمدينة وقيل إن آية الذم نزلت في أبي سفيان بن حرب وهذا ضعيف لقوله فسنيسره للعسرى وقد أسلم أبو سفيان بعد ذلك * (وما يغني عنه ماله إذا تردى) * هذا نفي أو استفهام بمعنى الإنكار واختلف في معنى تردى على أربعة أقوال الأول تردى أي هلك فهو مشتق من الردي وهو الموت أو تردى أي سقط في القبر أو سقط في جهنم أو تردى بأكفانه من الرداء * (إن علينا للهدى) * أي بيان الخير والشر وليس المراد الارشاد عند الأشعرية خلافا للمعتزلة * (فأنذرتكم نارا تلظى) * خطاب من الله أو من النبي صلى الله عليه وسلم على تقدير قل * (لا يصلاها إلا الأشقى) * استدل المرجئة بهذه الآية على أن النار لا يدخلها إلا الكفار لقوله الذي كذب وتولى وتأولها الناس بثلاثة أوجه أحدها أن المعنى لا يصلاها صلى خلود إلا الأشقى والأخر أنه أراد نارا مخصوصة الثالث أنه أراد بالأشقى كافرا معينا وهو أبو جهل وأمية
(٢٠٣)