التسهيل لعلوم التنزيل - الغرناطي الكلبي - ج ٤ - الصفحة ١٩٥
سورة الغاشية * (هل أتاك) * توقيف يراد به التنبيه والتفخيم للأمر وقيل هل بمعنى قد وهذا ضعيف * (الغاشية) * هي القيامة لأنها تغشى جميع الخلق وقيل هي النار من قوله وتغشى وجوههم النار وهذا ضعيف لأنه ذكر بعد ذلك قسمين أهل الشقاوة وأهل السعادة * (خاشعة) * أي ذليلة * (عاملة ناصبة) * هو من النصب بمعنى التعب وفي المراد بهم ثلاثة أقوال أحدها أنهم الكفار ويحتمل على هذا أن يكون عملهم ونصبهم في الدنيا لأنهم كانوا يعملون أعمال السوء ويتعبون فيها أو يكون في الآخرة فيعملون فيها عملا يتعبون فيه من جر السلاسل والأغلال وشبه ذلك ويكون زيادة في عذابهم الثاني أنها في الرهبان الذين يجتهدون في العبادة ولا تقبل منهم لأنهم على غير الإسلام وبهذا تأولها عمر بن الخطاب رضي الله عنه وبكى رحمة لراهب نصراني رآه مجتهدا فعاملة ناصبة على هذا في الدنيا وناصبة إشارة إلى اجتهادهم في العمل أو إلى أنه لا ينفعهم فليس لهم منه إلا النصب الثالث أنها في القدرية وقد روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر القدرية فبكى وقال إن فيهم المجتهد * (تسقى من عين آنية) * أي شديدة الحر ومنه حميم آن ووزن آنية هنا فاعلة بخلاف آنية من فضة فإن وزنه أفعله * (ليس لهم طعام إلا من ضريع) * في الضريع أربعة أقوال أحدها أنه شوك يقال له البشرق وهو سم قاتل وهذا أرجح الأقوال لأن أرباب اللغة ذكروه ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قال الضريع شوك في النار الثاني أنه الزقوم لقوله إن شجرة الزقوم طعام الأثيم الثالث أنه نبات أخضر منتن ينبت في البحر وهذا ضعيف الرابع أنه واد في جهنم وهذا ضعيف لأن ما يجرى في الوادي ليس بطعام إنما هو شراب ولله در من قال الضريع طعام أهل النار فإنه أعم وأسلم من عهدة التعيين واشتقاقه عند بعضهم من المضارعة بمعنى المشابهة لأنه يشبه الطعام الطيب وليس به وقيل هو بمعنى مضرع للبدن أي مضعف وقيل إن العرب لا تعرف هذا اللفظ فإن قيل كيف قال هنا ليس لهم طعام إلا من ضريع وقال في الحاقة ولا طعام إلا من غسلين فالجواب أن الضريع لقوم والغسلين لقوم أو يكون أحدهما في حال والآخر في حال * (لا يسمن ولا يغني من جوع) * هذه الجملة صفة لضريع أو لطعام نفى عنه منفعة الطعام وهي التسمين وإزالة الجوع * (وجوه يومئذ ناعمة) * أي متنعمة في الجنة أو يظهر عليها نضرة النعيم * (لسعيها راضية) * أي راضية في الآخرة لأجل سعيها وهو عملها في الدنيا * (في جنة عالية) * يحتمل أن يكون من علو المكان أو من علو المقدار أو الوجهين * (لا تسمع فيها لاغية) * هو من لغو الكلام ومعناه الفحش وما يكره فيحتمل أن يريد كلمة لاغية أو جماعة لاغية * (فيها عين جارية) * يحتمل أن يريد جنس العيون أو واحدة شرفها بالتعيين " وأكواب
(١٩٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 190 191 192 193 194 195 196 197 198 199 200 ... » »»