معناه نصرفه في بطن أمه نطفة ثم علقة * (فجعلناه سميعا بصيرا) * هذا معطوف على خلقنا الانسان ومن جعل نبتليه بمعنى نصرفه في بطن أمه فهذا عطف عليه وقيل أن نبتليه مؤخر في المعنى أي جعلناه سميعا بصيرا لنبتليه وهذا تكلف بعيد * (إنا هديناه السبيل) * أي سبيل الخير والشر ولذلك قسم الانسان إلى قسمين شاكرا أو كفورا وهما حالان من الضمير في هديناه والهدى هنا بمعنى بيان الطريقين وموهبة العقل الذي يميز به بينهما ويحتمل أن يكون بمعنى الارشاد أي هدى المؤمن للإيمان والكافر للكفر قل كل من عند الله " سلاسلا " من قرأه بغير تنوين فهو الأصل إذ هو لا ينصرف لأنه جمع لا نظير له في الآحاد ومن قرأه بالتنوين فله ثلاث توجيهات أحدها أنها لغة لبعض العرب يصرفون كل ما لا ينصرف إلا أفعل والآخر أن النون بدل من حرف الاطلاق وأجرى الوصل مجرى الوقف والثالث أن يكون صاحب هذه القراءة راوية للشعر قد عود لسانه صرف مالا ينصرف فجرى على ذلك * (الأبرار) * جمع بار أو بر ومعناه العاملون بالبر وهو غاية التقوى والعمل الصالح حتى قال بعضهم الأبرار هم الذين لا يؤذون الذر * (من كأس) * ذكر في الصافات معنى الكاس ومن هنا يحتمل أن تكون للتبعيض أو الابتداء الغاية * (مزاجها كافورا) * أي تمزج الخمر بالكافور وقيل المعنى أنه كافور في طيب رائحته كما تمدح طعاما فتقول هذا مسك * (عينا) * بدل من كافورا على القول بأن الخمر تمزج بالكافور أو بدل من موضع من كأس على القول الآخر كأنه قال يشربون خمر اخمر عين وقيل هو مفعول يشربون وقيل منصوب بإضمار فعل * (يشرب بها) * قال ابن عطية الباء زائدة والمعنى يشربها وهذا ضعيف لأن الباء إنما تزاد في مواضع ليس هذا منها وإنما هي كقولك شربت الماء بالعسل لأن العين المذكورة تمزج بها الكأس من الخمر * (عباد الله) * وصفهم بالعبودية وفيه معنى التشريف والاختصاص كقوله وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا * (يفجرونها تفجيرا) * أي يفجرونها حيث شاؤوا من منازلهم تفجيرا سهلا لا يصعب عليهم وفي الأثر أن في قصر النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة عينا تفجر إلى قصور الأنبياء عليهم الصلاة والسلام والمؤمنين * (مستطيرا) * أي منتشرا شائعا ومنه استطار الفجر إذا انشق ضوؤه * (ويطعمون الطعام) * نزلت هذه الآية وما بعدها في علي بن أبي طالب وفاطمة والحسن والحسين رضي الله عنهم فإنهم كانوا صائمين فلما وضعوا فطورهم ليأكلوه جاء مسكين فرفعوه له وباتوا طاوين وأصبحوا صائمين فلما وضعوا فطورهم جاء يتيم فدفعوه له وباتوا طاوين وأصبحوا صائمين فلما وضعوا فطرهم جاء أسير فدفعوه له وباتوا طاوين والآية على هذا مدنية لأن عليا إنما تزوج فاطمة بالمدينة وقيل إنما هي مكية وليست في علي * (على حبه) * الضمير للطعام أي يطعمونه مع حبه والحاجة إليه فهو كقوله لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون وقوله * (ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة) * ففي قوله على حبه تتميم وهو من أدوات البيان وقيل الضمير لله وقيل للإطعام المفهوم من يطعمون والأول أرجح وأظهر * (مسكينا ويتيما وأسيرا) * قد ذكرنا المسكين واليتيم وأما الأسير ففيه خمسة أقوال أحدها أن الأسير الكافر بين المسلمين ففي إطعامه أجر لأنه في كل ذي كبد رطبة أجر وقيل نسخ ذلك بالسيف والآخر أنه الأسير المسلم إذا
(١٦٧)