فندموا وتابوا إلى الله ووجه تشبيه قريش بأصحاب الجنة أن الله أنعم على قريش ببعث محمد صلى الله عليه وسلم كما أنعم على أصحاب الجنة بالجنة فكفر هؤلاء بهذه النعمة كما فعل أولئك فعاقبهم الله كما عاقبهم وقيل شبه قريشا لما أصابهم الجوع بشدة الفحط حين دعا عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بأصحاب الجنة لما هلكت جنتهم * (إذ أقسموا ليصرمنها مصبحين) * أي حلفوا أن يقطعوا غلة جنتهم عند الصباح وكانت الغلة ثمرا * (ولا يستثنون) * في معناه ثلاثة أقوال أحدها لم يقولوا إن شاء الله حين حلفوا ليصرمنها والآخر لا يستثنون شيأ من ثمرها إلا أخذوه لأنفسهم والثالث لا يتوقفون في رأيهم ولا ينتهوا عنه أي لا يرجعون عنه " فطاف عليهم طائف " قال الفراء الطائف الأمر الذي يأتي بالليل * (فأصبحت كالصريم) * فيه أربعة أقوال الأول أصبحت كالليل لأنها اسودت لما أصابها والصريم في اللغة الليل الثاني أصبحت كالنهار لأنها ابيضت كالحصيد ويقال صريم الليل والنهار الثالث أن الصريم الرماد الأسود بلغة بعض العرب الرابع أصبحت كالمصرومة أي المقطوعة * (فتنادوا مصبحين) * أي نادى بعضهم بعضا حين أصبحوا وقال بعضهم لبعض * (اغدوا على حرثكم) * أي جنتكم * (إن كنتم صارمين) * أي حاصدين لثمرتها * (يتخافتون) * يكلم بعضهم بعضا في السر ويقولون * (لا يدخلنها اليوم عليكم مسكين) * وأن في قوله أن اغدوا وأن لا يدخلنها حرف عبارة وتفسير * (وغدوا على حرد قادرين) * في الحرد أربعة أقوال الأول أنه المنع الثاني أنه القصد الثالث أنه الغضب الرابع أن الحرد اسم للجنة وقادرين يحتمل أن يكون من القدرة أي قادرين في زعمهم أو من التقدير بمعنى التضييق أي ضيقوا على المساكين * (إنا لضالون) * أي أخطأنا طريق الجنة قالوا ذلك لما لم يعرفوها فلما عرفوها ورأوا ما أصابها قالوا " بل نحن محرمون " أي حرمنا الله خيرها * (قال أوسطهم) * أي خيرهم وأفضلهم ومنه أمة وسطا أي خيارا * (لولا تسبحون) * أي تقولون سبحان الله وقيل هو عبارة عن طاعة الله وتعظيمه وقيل أراد الاستثناء في اليمين كقولهم إن شاء الله والأول أظهر لقولهم بعد ذلك سبحان الله ربنا والمعنى أن هذا الذي هو أفضلهم كان قد حضهم على التسبيح * (يتلاومون) * أي يلوم بعضهم بعضا على ما كانوا عزموا عليه من منع المساكين أو على غفلتهم عن التسبيح بدليل قوله ألم أقل لكم لولا تسبحون * (عسى ربنا أن يبدلنا خيرا منها) * يحمل أنهم طلبوا البدل في الدنيا أو في الآخرة والأول أرجح لأنه روى عن ابن مسعود أن الله أبدلهم جنة يحتمل البغل منها عنقودا * (كذلك العذاب) * أي مثل
(١٣٩)