التسهيل لعلوم التنزيل - الغرناطي الكلبي - ج ٤ - الصفحة ١٣٨
فريق منكم المفتون واستحسن ابن عطية هذا الرابع أن المعنى بأيكم فتنة المفتون ثم حذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه * (ودوا لو تدهن فيدهنون) * المداهنة هي الملاينة والمداراة فيما لا ينبغي وروى أن الكفار قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم لو عبدت آلهتنا لعبدنا إلهك فنزلت الآية ولم ينتصب فيدهنون في جواب التمني بل رفعه بالعطف على تدهن قاله ابن عطية وقال الزمخشري هو خبر مبتدأ محذوف تقديره فهم يدهنون * (حلاف) * كثير الحلف في الحق والباطل * (مهين) * هو الضعيف الرأي والعقل قال ابن عطية هو من مهن إذا ضعف فالميم فاء الفعل وقال الزمخشري هو من المهانة وهي الذلة والحقارة وقال ابن عباس المهين الكذاب * (هماز) * هو الذي يعيب الناس * (مشاء بنميم) * أي كثير المشي بالنميمة يقال نميم ونميمة بمعنى واحد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يدخل الجنة نمام * (مناع للخير) * أي شحيح لأن الخير هنا هو المال وقيل معناه مناع من الخير أي يمنع الناس من الإسلام والعمل الصالح * (معتد) * هو من العدوان وهو الظلم * (أثيم) * من الإثم وهو ارتكاب المحرمات * (عتل) * أي غليظ الجسم قاسي القلب بعيد الفهم كثير الجهل * (زنيم) * أي ولد زنا وقيل هو الذي في عنقه زنمة كزنمة الشاة التي تعلق في حلقها وقيل معناه مريب قبيح الأفعال وقيل ظلوم وقيل لئيم وقوله بعد ذلك أي بعد ما ذكرنا من عيوبه فهذا الترتيب في الوصف لا في الزمان واختلف في الموصوف بهذه الأوصاف الذميمة فقيل لم يقصد بها شخص معين بل كل من اتصف بها وقيل المقصود بها الوليد بن المغيرة لأنه وصفه بأنه ذو مال وبنين وكذلك كان وقيل أبو جهل وقيل الأخنس بن شريق ويؤيد هذا أنه كانت له زنمة في عنقه قال ابن عباس عرفناه بزنمته وكان لقيط من ثقيف ويعد في بني زهرة فيصح وصفه بزنيم على القولين وقيل الأسود بن عبد يغوث * (أن كان ذا مال وبنين) * في موضع مفعول من أجله يتعلق بقوله لا تطع أي لا تطعه بسبب كثرة ماله وبنيه ويجوز أن يتعلق بما بعده والمعنى على هذا أنه قال في القرآن أساطير الأولين لأنه ذو مال وبنين يتكبر بماله وبنيه والعامل في أن كان على هذا فعل من المعنى ولا يجوز أن يعمل فيه قال الذي هو جواب إذا لأن ما بعد الشرط لا يعمل فيما قبله والأول أظهر وقد تقدم معنى أساطير الأولين * (سنسمه على الخرطوم) * أصل الخرطوم أنف السبع ثم استعير للإنسان استخفافا به وتقبيحا له والمعنى نجعل له سمة وهي العلامة على خرطومه واختلف في هذه السمة قيل هي الضربة بالسيف يوم بدر وقيل علامة من نار تجعل على أنفه في جهنم وقيل علامة تجعل على أنفه يوم القيامة ليعرف بها * (إنا بلوناهم كما بلونا أصحاب الجنة) * أي بلونا قريشا كما بلونا أصحاب الجنة وكانوا إخوة من بني إسرائيل لهم جنة روى أنها بمقربة من صنعاء فحلفوا أن لا يعطوا مسكينا منها شيئا وباتوا عازمين على ذلك فأرسل الله على جنتهم طائفا من نار فأحرقتها فلما أصبحوا إلى جنتهم لم يروها فحسبوا أنهم أخطؤا الطريق ثم تبينوها فعرفوها وعلموا أن الله عاقبهم فيها بما قالوا
(١٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 133 134 135 136 137 138 139 140 141 142 143 ... » »»