التسهيل لعلوم التنزيل - الغرناطي الكلبي - ج ٤ - الصفحة ١٥٠
يسمعوا كلامه فيحتمل أنهم فعلوا ذلك حقيقة أو يكون عبارة عن إفراط إعراضهم حتى كأنهم فعلوا ذلك * (واستغشوا ثيابهم) * أي جعلوها غشاوة عليهم لئلا سمعوا كلامه أولئلا يراهم ويحتمل أنهم فعلوا ذلك حقيقة أو يكون عبارة عن إعراضهم * (وأصروا) * أي داوموا على كفرهم * (دعوتهم جهارا) * إعراب جهارا مصدر من المعنى كقولك قعد القرفصاء أو صفة لمصدر محذوف تقديره دعا جهارا أو مصدر في موضع الحال أي مجاهرا * (ثم إني أعلنت لهم وأسررت لهم إسرارا) * ذكر أو لا أنه دعاهم بالليل والنهار ثم ذكر أنه دعاهم جهارا ثم ذكر أنه جمع بين الجهر والإسرار وهذه غاية الجد في النصيحة وتبليغ الرسالة صلى الله عليه وسلم قال ابن عطية الجهار دعاؤهم في المحافل ومواضع اجتماعهم والإسرار دعاء كل واحد على حدته * (يرسل السماء عليكم مدرارا) * مفعول من الدر وهو كثرة الماء وفي الآية دليل على أن الاستغفار يوجب نزول الأمطار ولذلك خرج عمر بن الخطاب إلى الاستسقاء فلم يزد على أن استغفر ثم انصرف فقيل له ما رأيناك استسقيت فقال والله لقد استسقيت أبلغ الاستسقاء ثم نزل المطر وشكا رجل إلى الحسن الجدب فقال له استغفر الله " مالكم لا ترجون لله وقارا " فيه أربع تأويلات أحدها أن الوقار بمعنى التوقير والكرامة فالمعنى مالكم لا ترجون أن يوقركم الله في دار ثوابه قال ذلك الزمخشري وقوله لله على هذا بيان للموقر ولو تأخر لكان صفة لوقارا والثاني أن الوقار بمعنى التؤدة والتثبت والمعنى مالكم لا ترجون لله وقارا متثبتين حتى تتمكنون من النظر بوقاركم وقوله لله على هذا مفعول دخلت عليه اللام كقولك ضربت لزيد وإعراب وقارا على هذا مصدر في موضع الحال الثالث أن الرجاء هنا بمعنى الخوف والوقار بمعنى العظمة والسلطان فالمعنى ما لكم لا تخافون عظمة الله وسلطانه ولله على هذا صفة للوقار في المعنى الرابع أن الرجاء بمعنى الخوف والوقار بمعنى الاستقرار من قولك وقر بالمكان إذا استقر فيه والمعنى مالكم لا تخافون الاستقرار في دار القرار إما في الجنة أو النار * (وقد خلقكم أطوارا) * أي طورا بعد طور يعني أن الإنسان كان نطفة ثم علقة ثم مضغة إلى سائر أحواله وقيل الأطوار الأنواع المختلفة فالمعنى أن الناس على أنواع في ألوانهم وأخلاقهم وألسنتهم وغير ذلك * (طباقا) * ذكر في الملك * (وجعل القمر فيهن نورا) * القمر إنما هو في السماء الدنيا وساغ أن يقول فيهن لما كان في إحداهن فهو في الجميع كقولك فلان في الأندلس إذا كان في بعضها والشمس في السماء الرابعة وقيل في الخامسة وجعل القمر نورا والشمس سراجا لأن ضوء السراج أقوى من النور فإن السراج هو الذي يضئ فيبصر به والنور قد يكون أقل من ذلك * (والله أنبتكم من الأرض نباتا) * هذا عبارة عن إنشائهم من تراب الأرض ونباتا مصدر على غير المصدر أو يكون تقديره أنبتكم فنبتم إنباتا ويحتمل أن يكون منصوبا على الحال * (ثم يعيدكم فيها) * يعني بالدفن
(١٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 145 146 147 148 149 150 151 152 153 154 155 ... » »»