معنى القيام بها فقيل هو التحقيق لها كقوله صلى الله عليه وسلم على مثل الشمس فاشهدوا وقيل هو المبادرة إلى إدائها من غير امتناع فأما إن دعى الشاهد إلى الأداء فهو واجب عليه وأما إذا لم يدع إلى الأداء فالشهادة على ثلاثة أقسام أحدها حقوق الناس فلا يجوز أداؤها حتى يدعوه صاحب الحق إلى ذلك والثاني حقوق الله التي يستدام فيها التحريم كالطلاق والعتق والأحباس فيجب أداء الشهادة بذلك دعى أو لم يدع الثالث حقوق الله التي لا يستدام فيها التحريم كالحدود فهذا ينبغي ستره حتى يدعى إليه * (فمال الذين كفروا قبلك مهطعين) * أي مسرعين مقبلين إليك بأبصارهم كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أقبل الكفار ينظرون إليه ويستمعون قراءته ومعنى قبلك في جهتك وما يليك * (عزين) * أي جماعات شتى وهو جمع عزة بتخفيف الزاي وأصله عزوة وقيل عزهة ثم حذفت لامها وجمعت بالواو والنون عوضا من اللام المحذوفة * (أيطمع كل امرئ منهم أن يدخل جنة نعيم) * كانوا يقولون إن كان ثم جنة فنحن أهلها * (كلا) * ردع لهم عما طمعوا فيه من دخول الجنة * (إنا خلقناهم مما يعلمون) * كناية عن المنى الذي خلق الإنسان منه وفي المقصود بهذا الكلام ثلاثة أوجه أحدها تحقير الإنسان والرد على المتكبرين كما قال بعضهم إن الإنسان خلق من نطفة مذرة ويصير جيفة قذرة وهو فيما بين ذلك يحمل العذرة الثاني الرد على الكفار في طمعهم أن يدخلوا الجنة كأنه يقول إنا خلقناكم مما خلقنا منه الناس فلا يدخل أحد الجنة إلا بالعمل الصالح لأنكم سواء في الخلقة الثالث الاحتجاج على البعث بأن الله خلقهم من ماء مهين فهو قادر على أن يعيدهم كقوله * (ألم يك نطفة من مني يمنى) * إلى آخر السورة * (فلا أقسم) * معناه أقسم ولا زائدة * (برب المشارق والمغارب) * ذكر في الصافات * (إنا لقادرون على أن نبدل خيرا منهم) * تهديد للكفار بإهلاكهم وإبدال خير منهم * (وما نحن بمسبوقين) * أي مغلوبين والمعنى إنا لا نعجز عن التبديل المذكور أو عن البعث * (فذرهم) * وعيد لهم وفيه مهادنة منسوخة بالسيف * (يومهم الذي يوعدون) * يعني يوم القيامة بدليل أنه أبدل منه * (يوم يخرجون من الأجداث) * وهي القبور * (كأنهم إلى نصب يوفضون) * النصب الأصنام وأصله كل ما نصب إلى الإنسان فهو يقصد إليه مسرعا من علم أو بناء أو غير ذلك وفيه لغات فتح النون وإسكان الصاد وضم النون وإسكان الصاد وضمها ويوفضون معناه يسرعون والمعنى أنهم يسرعون الخروج من القبور إلى المحشر كما يسرعون المشي إلى أصنامهم في الدنيا
(١٤٨)