التسهيل لعلوم التنزيل - الغرناطي الكلبي - ج ٣ - الصفحة ٩٧
حتى إلى هذا الوقت وإن كان مفعولا فهو على إسقاط حرف الجر والمعنى صدها الله أو سليمان عن ما كانت تعبد من دون الله فدخلت في الإسلام * (قيل لها ادخلي الصرح فلما رأته حسبته لجة وكشفت عن ساقيها) * الصرح في اللغة هو القصر وقيل صحن الدار روي أن سليمان أمر قبل قدومها فبنى له على طريقها قصرا من زجاج أبيض وأجرى الماء من تحته وألقى فيه دواب البحر من السمك وغيره ووضع سريره في صدره فجلس عليه فلما رأته حسبته لجة واللجة الماء المجتمع كالبحر فكشفت عن ساقيها لتدخله لما أمرت بدخوله وروي أن الجن كرهوا تزوج سليمان لها فقالوا له إن عقلها مجنون وإن رجلها كحافر الحمار فاختبر عقلها بتنكير العرش فوجدها عاقلة واختبر ساقها بالصرح فلما كشفت عن ساقيها وجدها أحسن الناس ساقا فتزوجها وأقرها على ملكها باليمن وكان يأتيها مرة في كل شهر وقيل أسكنها معه بالشام * (قال إنه صرح ممرد من قوارير) * لما ظنت أن الصرح لجة ماء وكشفت عن ساقيها لتدخل الماء قال لها سليمان إنه صرح ممرد والممرد الأملس وقيل الطويل والقوارير جمع قارورة وهي الزجاجة * (قالت رب إني ظلمت نفسي) * تعني بكفرها فيما تقدم * (وأسلمت مع سليمان) * هذا ضرب من ضروب التجنيس " فريقين يختصمون " الفريقان من آمن ومن كفر واختصامهم اختلافهم وجدالهم في الدين * (لم تستعجلون) * أي لم تطلبون العذاب قبل الرحمة أو المعصية قبل الطاعة * (قالوا اطيرنا بك) * أي تشاءمنا بك وكانوا قد أصابهم القحط * (قال طائركم عند الله) * أي السبب الذي يحدث عنه خيركم أو شركم هو عند الله وهو قضاؤه وقدره وذلك رد عليهم في تطيرهم ونسبتهم ما أصابهم من القحط إلى صالح عليه السلام * (وكان في المدينة) * يعني مدينة ثمود * (يفسدون في الأرض) * قيل إنهم كانوا يقرضون الدنانير والدراهم ولفظ الفساد أعم من ذلك * (تقاسموا بالله) * أي حلفوا بالله وقيل إنه فعل ماض وذلك ضعيف والصحيح أنه فعل أمر قاله بعضهم لبعض وتعاقدوا عليه * (لنبيتنه وأهله) * أي لنقتلنه وأهله بالليل وهذا هو الفعل الذي تحالفوا عليه * (ثم لنقولن لوليه ما شهدنا مهلك أهله) * أي نتبرأ من دمه إن طلبنا به وليه ومهلك يحتمل أن يكون اسم مصدر أو زمان أو مكان فإن قيل إن قولهم ما شهدنا مهلك أهله يقتضي التبري من دم أهله دون التبري من دمه فالجواب من ثلاثة أوجه الأول أنهم أرادوا ما شهدنا مهلكه ومهلك أهله وحذف مهلكه لدلالة قولهم لنبيتنه وأهله والثاني أن أهل الإنسان قد يراد به هو وهم لقوله وأغرقنا آل فرعون يعني فرعون وقومه الثالث أنهم قالوا مهلك أهله خاصة ليكونوا صادقين فإنهم شهدوا مهلكه ومهلك أهله معا وأرادوا التعريض في كلامهم لئلا
(٩٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 92 93 94 95 96 97 98 99 100 101 102 ... » »»