التسهيل لعلوم التنزيل - الغرناطي الكلبي - ج ٣ - الصفحة ١٠٨
كقوله فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا فاعلم أنما يتبعون أهواءهم المعنى إن لم يأتوا بكتاب فاعلم أن كفرهم عناد واتباع أهوائهم لا بحجة وبرهان * (ولقد وصلنا لهم القول) * الضمير لكفار قريش وقيل لليهود والأول أظهر لأن الكلام من أوله معهم والقول هنا القرآن ووصلنا لهم أبلغناه لهم أو جعلناه موصلا بعضه ببعض * (الذين آتيناهم الكتاب من قبله) * يعني من أسلم من اليهود وقيل النجاشي وقومه وقيل نصارى نجران الذين قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة وهم عشرون رجلا فآمنوا به والضمير في قبله للقرآن وقولهم إنه الحق تعليل لإيمانهم وقولهم إنا كنا من قبله مسلمين بيان لأن إسلامهم قديم لأنهم وجدوا ذكر سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم في كتبهم قبل أن يبعث * (أولئك يؤتون أجرهم مرتين) * قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة يؤتون أجرهم مرتين رجل من أهل الكتاب ثم آمن بمحمد صلى الله عليه وسلم ورجل مملوك أدى حق الله وحق مواليه ورجل كانت له أمة فأعتقها وتزوجها * (بما صبروا) * يعني صبرهم على إذاية قومهم لهم لما أسلموا أو غير ذلك من أنواع الصبر " ويدرؤون بالحسنة السيئة " أي يدفعون ويحتمل أن يريد بالسيئة ما يقال لهم من الكلام القبيح وبالحسنة ما يجاوبون به من الكلام الحسن أو يريد سيئات أعمالهم وحسناتها كقوله إن الحسنات يذهبن السيئات * (وإذا سمعوا اللغو) * يعني ساقط الكلام * (لنا أعمالنا ولكم أعمالكم) * هذا على وجه التبري والبعد من القائلين للغو * (سلام عليكم) * معناه هنا المتاركة والمباعدة لا التحية أو كأنه سلام الانصراف والبعد * (لا نبتغي الجاهلين) * أي لا نطلبهم للجدال والمراجعة في الكلام * (إنك لا تهدي من أحببت) * نزلت في أبي طالب إذ دعاه النبي صلى الله عليه وسلم أن يقول عند موته لا إله إلا الله فقال لولا أن يعايرني بها قريش لأقررت بها عينك ومات على الكفر ولفظ الآية مع ذلك على عمومه * (ولكن الله يهدي من يشاء) * لفظ عام وقيل أراد به العباس بن عبد المطلب * (وقالوا إن نتبع الهدى معك نتخطف من أرضنا) * القائلون لذلك قريش وروي أن الذي قالها منهم الحارث بن عامر بن نوفل والهدى هو الإسلام ومعناه الهدى على زعمك وقيل إنهم قالوا قد علمنا أن الذي تقول حق ولكن إن اتبعناك تخطفتنا العرب أي أهلكونا بالقتال لمخالفة دينهم " أولم نمكن لهم حرما آمنا " هذا رد عليهم فيما اعتذروا به من تخطف الناس لهم والمعنى أن الحرم لا تتعرض له العرب بقتال ولا يمكن الله أحدا من إهلاك أهله فقد كانت العرب يغير بعضهم على بعض وأهل الحرم آمنون من ذلك " يجبى إليه ثمرات كل شيء " أي
(١٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 103 104 105 106 107 108 109 110 111 112 113 ... » »»