التسهيل لعلوم التنزيل - الغرناطي الكلبي - ج ٣ - الصفحة ٩٩
لا حول له ولا قوة واللفظ مشتق من الضرر أي الذي أصابه الضر أو من الضرورة أي الذي ألجأته الضرورة إلى الدعاء * (خلفاء الأرض) * أي خلفاء فيها تتوارثون سكناها " أمن يهديكم " يعني الهداية بالنجوم والطرقات * (بشرا) * ذكر في الأعراف * (من السماء والأرض) * الرزق من السماء المطر ومن الأرض النبات * (هاتوا برهانكم) * تعجيز للمشركين * (قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله) * هذه الآية تقتضي انفراد الله تعالى بعلم الغيب وأنه لا يعلمه سواه ولذلك قالت عائشة رضي الله عنها من زعم أن محمدا يعلم الغيب فقد أعظم الفرية على الله ثم قرأت هذه الآية فإن قيل فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يخبر بالغيوب وذلك معدود في معجزاته فالجواب أنه صلى الله عليه وسلم قال إني لا أعلم الغيب إلا ما علمني الله فإن قيل كيف ذلك مع ما ظهر من إخبار الكهان والمنجمين وأشباههم بالأمور المغيبة فالجواب أن إخبارهم بذلك عن ظن ضعيف أو عن وهم لا عن علم وإنما اقتضت الآية نفي العلم وقد قيل إن الغيب في هذه الآية يراد به متى تقوم الساعة لأن سبب نزولها أنهم سألوا عن ذلك ولذلك قال وما يشعرون أيان يبعثون فعلى هذا يندفع السؤال الأول والثاني لأنه علم الساعة انفرد به الله تعالى لقوله تعالى * (قل إنما علمها عند الله) * ولقوله صلى الله عليه وسلم في خمس لا يعلمها إلا الله ثم قرأ إن الله عنده علم الساعة إلى آخر السورة فإن قيل كيف قال إلا بالرفع على البدل والبدل لا يصح إلا إذا كان الاستثناء متصلا ويكون ما بعد إلا من جنس ما قبلها والله تعالى ليس ممن في السماوات والأرض باتفاق فإن القائلين بالجهة والمكان يقولون إنه فوق السماوات والأرض والقائلين بنفي الجهة يقولون إن الله تعالى ليس بهما ولا فوقهما ولا داخلا فيهما ولا خارجا عنهما فهو على هذا استثناء منقطع فكان يجب أن يكون منصوبا فالجواب من أربعة أوجه الأول أن البدل هنا جاء على لغة بني تميم في البدل وإن كان منقطعا كقولهم ما في الدار أحد إلا حمار بالرفع والحمار ليس من الأحدين وهذا ضعيف لأن القرآن أنزل بلغة الحجاز لا بلغة بني تميم والثاني أن الله في السماوات والأرض بعلمه كما قال وهو معكم أينما كنتم يعني بعلمه فجاء البدل على هذا المعنى وهذا ضعيف لأن قوله في السماوات والأرض وقعت فيه لفظة في الظرفية الحقيقية وهي في حق الله على هذا المعنى للظرفية المجازية ولا يجوز استعمال لفظة واحدة في الحقيقة والمجاز في حالة واحدة عند المحققين الجواب الثالث أن قوله من في السماوات والأرض يراد به كل موجود فكأنه قال من في الوجود فيكون الاستثناء على هذا متصلا فيصح الرفع على البدل وإنما قال من في السماوات والأرض جريا على منهاج كلام العرب فهو لفظ خاص يراد به ما هو أعم منه الجواب الرابع أن يكون الاستثناء متصلا على أن يتأول من في السماوات في حق الله كما يتأول قوله أأمنتم من في السماء وحديث
(٩٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 94 95 96 97 98 99 100 101 102 103 104 ... » »»