التسهيل لعلوم التنزيل - الغرناطي الكلبي - ج ٣ - الصفحة ٣٨
يدخل الذين آمنوا الجنة ويدخل غيرهم النار * (يسجد له من في السماوات ومن في الأرض) * دخل في هذا من في السماوات من الملائكة ومن في الأرض من الملائكة والجن ولم يدخل الناس في ذلك لأنه ذكرهم في آخر الآية إلا أن يكون ذكرهم في آخرها على وجه التجريد وليس المراد بالسجود هنا السجود المعروف لأنه لا يصح في حق الشمس والقمر وما ذكر بعدهما وإنما المراد به الانقياد ثم إن الانقياد يكون على وجهين أحدهما الانقياد لطاعة الله طوعا والآخر الانقياد لما يجري الله على المخلوقات في أفعاله وتدبيره شاؤوا أو أبوا * (وكثير من الناس) * إن جعلنا السجود بمعنى الانقياد لطاعة الله فيكون كثير من الناس معطوفا على ما قبله من الأشياء التي تسجد ويكون قوله وكثير حق عليه العذاب مستأنفا يراد به من لا ينقاد للطاعة ويوقف على قوله وكثير من الناس وهذا القول هو الصحيح وإن جعلنا السجود بمعنى الانقياد لقضاء الله وتدبيره فلا يصح تفضيل الناس على ذلك إلى من يسجد ومن لا يسجد لأن جميعهم يسجد بذلك المعنى وقيل إن قوله وكثير من الناس معطوف على ما قبله ثم عطف عليه كثير حق عليه العذاب فالجميع على هذا يسجد وهذا ضعيف لأن قوله حق عليه العذاب يقتضي ظاهره أنه إنما حق عليه العذاب بتركه للسجود وتأوله الزمخشري على هذا المعنى بأن إعراب كثير من الناس فاعل بفعل مضمر تقديره يسجد سجود طاعة أو مرفوع بالابتداء وخبره محذوف تقديره مثاب وهذا تكلف بعيد * (هذان خصمان) * الإشارة إلى المؤمنين والكفار على العموم ويدل على ذلك ما ذكر قبلها من اختلاف الناس في أديانهم وهو قول ابن عباس وقيل نزلت في علي ابن أبي طالب وحمزة بن عبد المطلب وعبيدة بن الحارث حين برزوا يوم بدر لعتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة والوليد بن عتبة فالآية على هذا مدنية إلى تمام ست آيات والخصم يقع على الواحد والاثنين والجماعة والمراد به هنا الجماعة والإشارة بهذان إلى الفريقين * (اختصموا في ربهم) * أي في دينه وفي صفاته والضمير في اختصموا لجماعة الفريقين * (فالذين كفروا) * الآية حكم بين الفريقين بأن جعل للكفار النار وللمؤمنين الجنة المذكورة بعد هذا * (قطعت لهم ثياب من نار) * أي فصلت على قدر أجسادهم وهو مستعار من تفصيل الثياب * (الحميم) * الماء الحار * (يصهر به ما في بطونهم) * أي يذاب وذلك أن الحميم إذا صب على رؤسهم وصل حره إلى بطونهم فأذاب ما فيها وقيل معنى يصهر ينضج * (مقامع) * جمع مقمعة أي مقرعة * (من حديد) * يضربون بها وقيل هي السياط * (من غم) * بدل من المجرور قبله * (وذوقوا) * التقدير يقال لهم ذوقوا * (من أساور من ذهب) * من لبيان الجنس أو للتبعيض وفسرنا الأساور في الكهف * (ولؤلؤا) *
(٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 ... » »»