لأنها قد تكون بعهد وبغير عهد متقدم * (راعون) * أي حافظون لها قائمون بها * (على صلواتهم يحافظون) * المحافظة عليها هي فعلها في أوقاتها مع توفية شروطها فإن قيل كيف كرر ذكر الصلوات أولا وآخرا فالجواب أنه ليس بتكرار لأنه قد ذكر أولا الخشوع فيها وذكر هنا المحافظة عليها فهما مختلفان وأضاف الصلاة في الموضعين إليهم دلالة على ثبوت فعلهم لها * (الوارثون) * أي المستحقون للجنة فالميراث استعارة وقيل إن الله جعل لكل إنسان مسكنا في الجنة ومسكنا في النار فيرث المؤمنون مساكن الكفار في الجنة * (الفردوس) * مدينة الجنة وهي جنة الأعناب وأعاد الضمير عليها مؤنثا على معنى الجنة * (ولقد خلقنا الإنسان) * اختلف هل يعني آدم أو جنس بني آدم * (من سلالة من طين) * السلالة هي ما يسل من الشيء أي ما يستخرج منه ولذلك قيل إنها الخلاصة والمراد بها هنا القطعة التي أخذت من الطين وخلق منها آدم فإن أراد بالإنسان آدم فالمعنى أنه خلق من تلك السلالة المأخوذة من الطين ولكن قوله بعد هذا * (ثم جعلناه نطفة) * لا بد أن يراد به بنو آدم فيكون الضمير يعود على غير من ذكر أولا ولكن يفسره سياق الكلام وإن أراد بالإنسان ابن آدم فيستقيم عود الضمير عليه ويكون معنى خلقه من سلالة من طين أي خلق أصله وهو أبوه آدم ويحتمل عندي أن يراد بالإنسان الجنس الذي يعم آدم وذريته فأجمل ذكر الإنسان أولا ثم فصله بعد ذلك إلى الخلقة المختصة بآدم وهي من طين وإلى الخلقة المختصة بذريته وهي النطفة فإن قيل ما الفرق بين من ومن فالجواب على ما قال الزمخشري أن الأولى للابتداء والثانية للبيان كقوله من الأوثان * (في قرار مكين) * يعني رحم الأم ومعنى مكين متمكن وذلك في الحقيقة من صفة النطفة المستقرة لا من صفة المحل المستقر فيه ولكنه كقولك طريق سائر أي يسير الناس فيه وقد تقدم تفسير النطفة والمضغة والعلقة في أول الحج * (خلقا آخر) * قيل هو نفخ الروح فيه وقيل خروجه إلى الدنيا وقيل استواء الشباب وقيل على العموم من نفخ الروح فيه إلى موته * (فتبارك الله) * هو مشتق من البركة وقيل معناه تقدس * (أحسن الخالقين) * أي أحسن الخالقين خلقا فحذف التمييز لدلالة الكلام عليه وفسر بعضهم الخالقين بالمقدرين فرارا من وصف المخلوق بأنه خالق ولا يجب أن ينفي عن المخلوق أنه خالق بمعنى صانع كقوله وإذ تخلق من الطين وإنما الذي يجب أن ينفي عنه معنى الاختراع والإيجاد من العدم فهذا هو الذي انفرد الله به * (سبع طرائق) * يعني السماوات وسماها طرائق لأن بعضها طورق فوق بعض كمطارقة النعل وقيل يعني الأفلاك لأنها طرق للكواكب * (وما كنا عن الخلق غافلين) * يحتمل أن يريد بالخلق المخلوقين أو المصدر
(٤٩)