التسهيل لعلوم التنزيل - الغرناطي الكلبي - ج ٣ - الصفحة ٣٣
جهنم) هذا خطاب للمشركين والحصب ما توقد به النار كالحطب وقرأ علي بن أبي طالب رضي الله عنه " حطب جهنم " والمراد بما تعبدون الأصنام وغيرها تحرق في النار توبيخا لمن عبدها * (واردون) * الورود هنا الدخول " زفير " ذكر في هود * (لا يسمعون) * قيل يجعلون في توابيت من نار فلا يسمعون شيئا وقيل يصمهم الله كما يعميهم * (إن الذين سبقت لهم منا الحسنى) * سبقت أي قضيت في الأزل والحسنى السعادة ونزلت الآية لما اعترض ابن الزبعري على قوله إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم فقال إن عيسى وعزير والملائكة قد عبدوا فالمعنى إخراج هؤلاء من ذلك الوعيد واللفظ مع ذلك على عمومه في كل من سبقت له السعادة * (حسيسها) * أي صوتها * (الفزع الأكبر) * أهوال القيامة على الجملة وقيل ذبح الموت وقيل النفخة الأولى في الصور لقوله ففزع من السماوات ومن في الأرض * (كطي السجل للكتب) * السجل الصحيفة والكتاب مصدر أي كما يطوي السجل ليكتب فيه أو ليصان الكتاب الذي فيه وقيل السجل رجل كاتب وهذا ضعيف وقيل هو ملك في السماء الثانية ترفع إليه الأعمال وهذا أيضا ضعيف * (كما بدأنا أول خلق نعيده) * أي كما قدرنا على البداءة نقدر على الإعادة فهو كقوله قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وقيل المعنى نعيدهم على الصورة التي بدأناهم كما جاء في الحديث يحشر الناس يوم القيامة حفاة عراة غرلا ثم قرأ كما بدأنا أول خلق نعيده والكاف متعلقة بقوله نعيده * (فاعلين) * تأكيدا لوقوع البعث * (ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر) * في الزبور هنا قولان أحدهما أنه كتاب داود والذكر هنا على هذا التوراة التي أنزل الله على موسى وما في الزبور من ذكر الله تعالى والقول الثاني أن الزبور جنس الكتب التي أنزلها الله على جميع الأنبياء والذكر على هذا هو اللوح المحفوظ أي كتب الله هذا في الكتاب الذي أفرد له بعد ما كتبه في اللوح المحفوظ حين قضى الأمور كلها والأول أرجح لأن إطلاق الزبور على كتاب داود أظهر وأكثر استعمالا ولأن الزبور مفرد فدلالته على الواحد أرجح من دلالته على الجمع ولأن النص قد ورد في زبور داود بأن الأرض يرثها الصالحون * (أن الأرض يرثها عبادي الصالحون) * الأرض هنا على الإطلاق في مشارق الأرض ومغاربها وقيل الأرض المقدسة وقيل أرض الجنة والأول أظهر والعباد الصالحون أمة محمد صلى الله عليه وسلم ففي الآية ثناء عليهم وإخبار بظهور غيب مصداقه في الوجود إذ فتح الله لهذه الأمة مشارق الأرض ومغاربها * (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين) * هذا خطاب لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وفيه تشريف عظيم وانتصب رحمة على أنه حال من ضمير المخاطب المفعول
(٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 ... » »»