والمعنى على هذا أن النبي صلى الله عليه وسلم هو الرحمة ويحتمل أن يكون مصدرا في موضع الحال من ضمير الفاعل تقديره أرسلناك راحمين للعالمين أو يكون مفعولا من أجله والمعنى على كل وجه أن الله رحم العالمين بإرسال سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم لأنه جاءهم بالسعادة الكبرى والنجاة من الشقاوة العظمى ونالوا على يديه الخيرات الكثيرة في الآخرة والأولى وعلمهم بعد الجهالة وهداهم بعد الضلالة فإن قيل رحمة للعالمين عموم والكفار لم يرحموا به فالجواب من وجهين أحدهما أنهم كانوا معرضين للرحمة به لو آمنوا فهم الذين تركوا الرحمة بعد تعريضها لهم والآخر أنهم رحموا به لكونهم لم يعاقبوا بمثل ما عوقب به الكفار المتقدمون من الطوفان والصيحة وشبه ذلك * (آذنتكم على سواء) * أي أعلمتكم بالحق على استواء في الإعلام وتبليغ إلى جميعكم لم يختص به واحد دون آخر * (وإن أدري أقريب أم بعيد ما توعدون) * إن هنا وفي الموضع الآخر نافية وأدري فعل علق عن معموله لأنه من أفعال القلوب وما بعده في موضع المعمول من طريق المعنى فيجب وصله معه والهمزة في قوله أقريب للتسوية لا لمجرد الاستفهام وقيل يوقف على إن أدري في الموضعين ويبتدأ بما بعده وهذا خطأ لأنه يطلب ما بعده * (لعله فتنة) * الضمير لإمهالهم وتأخير عقوبتهم * (ومتاع إلى حين) * أي الموت أو القيامة * (المستعان على ما تصفون) * أي أستعين به على الصبر على ما تصفون من الكفر والتكذيب سورة الحج * (اتقوا ربكم) * تكلمنا على التقوى في أول البقرة * (إن زلزلة الساعة) * أي شدتها وهولها كقوله وزلزلوا أو تحريك الأرض حينئذ كقوله إذا زلزلت الأرض زلزالها والجملة تعليل للأمر بالتقوى واختلف هل الزلزلة والشدائد المذكورة بعد ذلك في الدنيا بين يدي القيامة أو بعد أن تقوم القيامة والأرجح أن ذلك قبل القيامة لأن في ذلك الوقت يكون ذهول المرضعة ووضع الحامل لا بعد القيامة * (يوم ترونها) * العامل في الظرف تذهل والضمير للزلزلة وقيل الساعة وذلك ضعيف لما ذكرنا إلا أن يريد ابتداء أمرها * (تذهل) * الذهول هو الذهاب عن الشيء مع دهشة * (مرضعة) * إنما لم يقل مرضع لأن المرضعة هي التي
(٣٤)