التسهيل لعلوم التنزيل - الغرناطي الكلبي - ج ٣ - الصفحة ١٦٦
بمعنى واحد * (اليوم نختم على أفواههم) * أي نمنعهم من الكلام فتنطق أعضاؤهم يوم القيامة * (ولو نشاء لطمسنا على أعينهم) * هذا تهديد لقريش والطمس على الأعين هو العمى والصراط الطريق وأنى استفهام يراد به النفي فمعنى الآية لو نشاء لأعميناهم فلو راموا أن يمشوا على الطريق لم يبصروه وقيل يعني عمي البصائر أي لو نشاء لختمنا على قلوبهم فالطريق على هذا استعارة بمعنى الإيمان والخير * (ولو نشاء لمسخناهم) * هذا تهديد بالمسخ فقيل معناه المسخ قردة وخنازير وحجارة وقيل معناه لو نشاء لجعلناهم مقعدين مبطولين لا يستطيعون تصرفا وقيل إن هذا التهديد كله بما يكون يوم القيامة والأظهر أنه في الدنيا * (على مكانتهم) * المكانة المكان والمعنى لو نشاء لمسخناهم مسخا يقعدهم في مكانهم * (فما استطاعوا مضيا ولا يرجعون) * أي إذا مسخوا في مكانهم لم يقدروا أن يذهبوا ولا أن يرجعوا * (ومن نعمره ننكسه في الخلق) * أي نحول خلقته من القوة إلى الضعف ومن الفهم إلى البله وشبه ذلك كما قال تعالى * (ثم جعل من بعد قوة ضعفا وشيبة) * وإنما قصد بذكر ذلك هنا للاستدلال على قدرته تعالى على مسخ الكفار كما قدر على تنكيس الإنسان إذا هرم * (وما علمناه الشعر وما ينبغي له) * الضميران لمحمد صلى الله عليه وسلم وذلك رد على الكفار في قولهم إنه شاعر وكان صلى الله عليه وسلم لا ينظم الشعر ولا يزنه وإذا ذكر بيت شعر كسر وزنه فإن قيل قد روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب وروي أيضا عنه صلى الله عليه وسلم هل أنت إلا أصبع دميت وفي سبيل الله ما لقيت وهذا الكلام على وزن الشعر فالجواب أنه ليس بشعر وأنه لم يقصد به الشعر وإنما جاء موزونا بالاتفاق لا بالقصد فهو كالكلام المنثور ومثل هذا يقال في مثل ما جاء في القرآن من الكلام الموزون ويقتضي قوله وما ينبغي له تنزيه النبي صلى الله عليه وسلم عن الشعر لما فيه من الأباطيل وإفراط التجاوز حتى يقال إن الشعر أطيبه أكذبه وليس كل الشعر كذلك فقد قال صلى الله عليه وسلم إن من الشعر لحكمة وقد أكثر الناس في ذم الشعر ومدحه وإنما الإنصاف قول الشافعي الشعر كلام والكلام منه حسن ومنه قبيح * (إن هو إلا ذكر) * الضمير للقرآن يعني أنه ذكر لله أو تذكير للناس أو شرف لهم * (لينذر من كان حيا) * أي حي القلب والبصيرة * (ويحق القول على الكافرين) * أي يجب عليهم العذاب " أو لم يروا أنا خلقنا لهم مما علمت أيدينا أنعاما " مقصد الآية تعديد النعم وإقامة الحجة والأيدي هنا عند أهل التأويل عبارة عن القدرة وعند أهل التسليم من المتشابه الذي يجب الإيمان به وعلمه عند الله * (فمنها ركوبهم) * الركوب بفتح الراء هو المركوب * (ولهم فيها منافع) * يعني الأكل منها والحمل عليها والانتفاع بالجلود والصوف وغيره * (ومشارب) * يعني الألبان * (لا يستطيعون نصرهم) * الضمير في يستطيعون للأصنام وفي نصرهم للمشركين ويحتمل العكس ولكن الأول أرجح فإنه لما ذكر أن المشركين اتخذوا الأصنام لينصروهم أخبر أن الأصنام لا يستطيعون نصرهم فخاب أملهم
(١٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 161 162 163 164 165 166 167 168 169 170 171 ... » »»