التسهيل لعلوم التنزيل - الغرناطي الكلبي - ج ٣ - الصفحة ١٥٥
على تكذيب قومه كأنه يقول إن يكذبوك فلا تحزن لذلك فإن الله سينصرك عليهم كما كذبت رسل من قبلك فنصرهم الله * (الغرور) * الشيطان وقيل التسويف * (أفمن زين له سوء عمله) * توقيف وجوابه محذوف تقديره أفمن زين له سوء عمله كمن لم يزين له ثم بني على ذلك ما بعده فالذي زين له سوء عمله هو الذي أضله الله ومن لم يزين له سوء عمله هو الذي هداه الله * (فلا تذهب نفسك عليهم حسرات) * تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم عن حزنه لعدم إيمانهم لأن ذلك بيد الله * (كذلك النشور) * أي الحشر والمعنى كما يحيي الله الأرض بالنبات كذلك يحيي الموتى * (من كان يريد العزة) * الآية تحتمل ثلاثة معان أحدها وهو الأظهر من كان يريد نيل العزة فليطلبها من عند الله فإن العزة كلها لله والثاني من كان يريد العزة بمغالبة الإسلام فلله العزة جميعا فالمغالب له مغلوب والثالث من كان يريد أن يعلم لمن العزة فليعلم أن العزة لله جميعا * (إليه يصعد الكلم الطيب) * قيل يعني لا إله إلا الله واللفظ يعم ذلك وغيره من الذكر والدعاء وتلاوة القرآن وتعليم العلم فالعموم أولى * (والعمل الصالح يرفعه) * فيه ثلاثة أقوال أحدها أن ضمير الفاعل في يرفعه الله وضمير المفعول للعمل الصالح فالمعنى على هذا أن الله يرفع العمل الصالح أي يتقبله ويثيب عليه والثاني أن ضمير الفاعل للكلام الطيب وضمير المفعول للعمل الصالح والمعنى على هذا لا يقبل عمل صالح إلا ممن له كلام طيب وهذا يصح إن قلنا إن الكلم الطيب لا إله إلا الله لأنه لا يقبل العمل إلا من موحد والثالث أن ضمير الفاعل للعمل الصالح وضمير المفعول للكلم الطيب والمعنى على هذا أن العمل الصالح هو الذي يرفع الكلم الطيب فلا يقبل الكلم إلا ممن له عمل صالح روي هذا المعنى عن ابن عباس واستبعده ابن عطية وقال لم يصح عنه لأن اعتقاد أهل السنة أن الله يتقبل من كل مسلم قال وقد يستقيم بأن يتأول أن الله يزيد في رفعه وحسن موقعه * (يمكرون السيئات) * لا يتعدى مكر فتأويله يمكرون المكرات السيئات فتكون السيئات مصدرا أو تضمن يمكرون معنى يكتسبون فتكون السيئات مفعولا والإشارة هنا إلى مكر قريش برسول الله صلى الله عليه وسلم حين اجتمعوا في دار الندوة وأرادوا أن يقتلوه أو يحبسوه أو يخرجوه * (ومكر أولئك هو يبور) * البوار الهلاك أو الكساد ومعناه هنا أن مكرهم يبطل ولا ينفعهم * (ثم جعلكم أزواجا) * أي أصنافا وقيل ذكرانا وإناثا وهذا أظهر * (وما يعمر من معمر ولا ينقص من عمره إلا في كتاب) * التعمير طول العمر والنقص قصره والكتاب اللوح المحفوظ فإن قيل إن التعمير والنقص لا يجتمعان لشخص واحد فكيف
(١٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 150 151 152 153 154 155 156 157 158 159 160 ... » »»