* (وهم لهم جند محضرون) * الضمير الأول للمشركين والثاني للأصنام يعني أن المشركين يخدمون الأصنام ويتعصبون لهم حتى أنهم لهم كالجند وقيل بالعكس بمعنى أن الأصنام جند محضرون لعذاب المشركين في الآخرة والأول أرجح لأنه تقبيح لحال المشركين * (فلا يحزنك قولهم) * تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم معللة لما بعدها * (أو لم ير الإنسان أنا خلقناه من نطفة) * هذه الآية وما بعدها إلى آخر السورة براهين على الحشر يوم القيامة ورد على من أنكر ذلك والنطفة هي نطفة المني التي خلق الإنسان منها ولا شك أن الإله الذي قدر على خلق الإنسان من نطفة قادر على أن يخلقه مرة أخرى عند البعث وسبب الآية أن العاصي بن وائل جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم بعظم رميم فقال يا محمد من يحيي هذا وقيل إن الذي جاء بالعظم أمية بن خلف وقيل أبي بن خلف فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم الله يحييه ويميتك ثم يحييك ويدخلك جهنم * (فإذا هو خصيم مبين) * أي متكلم قادر على الخصام يبين ما في نفسه بلسانه * (وضرب لنا مثلا) * إشارة إلى قول الكافرين من يحيي هذا العظم * (ونسي خلقه) * أي نسي الاستدلال بخلقته الأولى على بعثه والنسيان هنا يحتمل أن يكون بمعنى الذهول أو الترك * (وهي رميم) * أي بالية متفتتة * (قل يحييها الذي أنشأها أول مرة) * استدلال بالخلقة الأولى على البعث * (وهو بكل خلق عليم) * أي يعلم كيف يخلق كل شيء فلا يصعب عليه بعث الأجساد بعد فنائها والخلق هنا يحتمل أن يكون مصدرا أو بمعنى المخلوق * (الذي جعل لكم من الشجر الأخضر نارا) * هذا دليل آخر على إمكان البعث وذلك أن الذين أنكروه من الكفار والطبائعيين قالوا طبع الموت يضاد طبع الحياة فكيف تصير العظام حية فأقام الله عليهم الدليل من الشجر الأخضر الممتلىء ماء مع مضادة طبع الماء للنار ويعني بالشجر زناد العرب وهو شجر المرخ والعفار فإنه يقطع من كل واحد منهما غصنا أخضر يقطر منه الماء فيسحق المرخ على العفار فتنقدح النار بينهما قال ابن عباس ليس من شجرة إلا وفيها نار إلا العناب ولكنه في المرخ والعفار أكثر " أوليس الذي خلق السماوات والأرض بقادر على أن يخلق مثلهم " هذا دليل آخر على البعث بأن الإله الذي قدر على خلق السماوات والأرض على عظمهما وكبر أجرامهما قادر على أن يخلق أجساد بني آدم بعد فنائها والضمير في مثلهم يعود على الناس * (وهو الخلاق العليم) * ذكر في هذين الاسمين أيضا استدلال على البعث وكذلك في قوله إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون لأن هذا عبارة عن قدرته على جميع الأشياء ولا شك أن الخلاق العليم القدير لا يصعب عليه إعادة الأجساد " فسبحان الذي بيده ملكوت كل شيء " في هذا استدلال على البعث وتنزيه لله عما نسبه الكفار إليه من العجز عن البعث فإنهم ما قدروا الله حق قدره وكل من أنكر البعث فإنما أنكره لجهله بقدرة الله سبحانه وتعالى
(١٦٧)