الضمير في جعلوا لكفار العرب وفي معنى الآية قولان أحدهما أن الجنة هنا الملائكة وسميت بهذا الاسم لأنه مشتق من الاجتنان وهو الاستتار والملائكة مستورين عن أعين بني آدم كالجن والنسب الذي جعلوه بينهم وبين الله قولهم إنهم بنات الله والقول الثاني أن الجن هنا الشياطين وفي النسب الذي جعلوه بينه وبينهم قولان أحدهما أن بعض الكفار قالوا إن الله والشياطين أخوان تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا والآخر أن بعضهم قال إن الله نكح في الجن فولدت له الملائكة سبحانه وتعالى عما يقول الظالمون علوا كبيرا " ولقد علمت الجن إنهم لمحضرون " من قال إن الجن الملائكة فالضمير في قوله إنهم لمحضرون يعود على الكفار أي قد علمت الملائكة أن الكفار محضرون في العذاب ومن قال إن الجن الشياطين فالضمير يعود عليهم أي قد علمت الشياطين أنهم محضرون في العذاب * (إلا عباد الله المخلصين) * استثناء منقطع من المحضرين أو من الفاعل في يصفون والمعنى لكن عباد الله المخلصين لا يحضرون في العذاب أو لكن عباد الله المخلصين يصفونه بما هو أهله * (فإنكم وما تعبدون ما أنتم عليه بفاتنين إلا من هو صال الجحيم) * هذا خطاب للكفار والمراد بما تعبدون الأصنام وغيرها وما تعبدون عطف على الضمير في إنكم ويجوز أن تكون الواو بمعنى مع ومعنى فاتنين مضلين والضمير في عليه يعود على ما تعبدون وعلى سببية معناها التعليل ومن هو مفعول بفاتنين والمعنى إنكم أيها الكفار وكل ما تعبدونه لا تضلون أحدا إلا من قضى الله أنه يصلى الجحيم أي لا تقدرون على إغواء الناس إلا بقضاء الله وقال الزمخشري الضمير في عليه يعود على الله تعالى * (وما منا إلا له مقام معلوم) * هذا حكاية كلام الملائكة عليهم السلام تقديره ما منا ملك إلا وله مقام معلوم وحذف الموصوف لفهم الكلام والمقام المعلوم يحتمل أن يراد به المكان الذي يقومون فيه لأن منهم من هو في السماء الدنيا وفي الثانية وفي السماوات وحيث شاء الله ويحتمل أن يراد به المنزلة من العبادة والتقريب والتشريف * (وإنا لنحن الصافون) * أي الواقفون في العبادة صفوفا ولذلك أمر المسلمون بتسوية الصفوف في صلاتهم ليقتدوا بالملائكة وليس أحد من أهل الملل يصلون صفوفا إلا المسلمون * (وإنا لنحن المسبحون) * قيل معناه المصلون لأن الصلاة يقال لها تسبيح وقيل معناه القائلون سبحان الله وفي هذا الكلام الذي قالته الملائكة رد على من قال إنهم بنات الله وشركاء له لأنهم اعترفوا على أنفسهم بالعبودية والطاعة لله والتنزيه له ويدل هذا الكلام أيضا على أن المراد بالجن قيل هذا الملائكة وقيل إنه هذا كله من كلام سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وكلام المسليمن والأول أشهر * (وإن كانوا ليقولون لو أن عندنا ذكرا من الأولين) * الضمير لكفار قريش وسائر العرب والمعنى أنهم كانوا قبل بعث محمد صلى الله عليه وسلم يقولون لو أرسل الله إلينا رسولا وأنزل علينا كتابا لكنا عباد الله المخلصين * (فكفروا به) * الضمير للذكر أو لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم لأن المعنى يقتضي ذلك وإن لم يتقدم له ذكر * (فسوف يعلمون) * تهديد ووعيد لهم على كفرهم * (ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين إنهم لهم المنصورون) *
(١٧٧)