التسهيل لعلوم التنزيل - الغرناطي الكلبي - ج ٣ - الصفحة ١٤٤
بالإشراك به ونسبة الصاحبة والولد له وليس معنى إذايته أنه يضره الأذى لأنه تعالى لا يضره شيء ولا ينفعه شيء وقيل إنها على حذف مضاف تقديره يؤذون أولياء الله والأول أرجح لأنه ورد في الحديث يقول الله تعالى يشتمني ابن آدم وليس له أن يشتمني ويكذبني وليس له أن يكذبني أما شتمه إياي فقوله إن لي صاحبة وولدا وأما تكذيبه إياي فقوله لا يعيدني كما بدأني وأما إذاية رسول الله صلى الله عليه وسلم فهي التعرض له بما يكره من الأقوال أو الأفعال وقال ابن عباس نزلت في الذين طعنوا عليه حين أخذ صفية بنت حيي * (والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا) * الآية في البهتان وهو ذكر الإنسان بما ليس فيه وهو أشد من الغيبة مع أن الغيبة محرمة وهي ذكره ما فيه مما يكره * (يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن) * كان نساء العرب يكشفن وجوههن كما تفعل الإماء وكان ذلك داعيا إلى نظر الرجال لهن فأمرهن الله بإدناء الجلابيب ليسترن بذلك وجوههن ويفهم الفرق بين الحرائر والإماء والجلابيب جمع جلباب وهو ثوب أكبر من الخمار وقيل هو الرداء وصورة إدنائه عند ابن عباس أن تلويه على وجهها حتى لا يظهر منها إلا عين واحدة تبصر بها وقيل أن تلويه حتى لا يظهر إلا عيناها وقيل أن تغطي نصف وجهها * (ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين) * أي ذلك أقرب إلى أن يعرف الحرائر من الإماء فإذا عرف أن المرأة حرة لم تعارض بما تعارض به الأمة وليس المعنى أن تعرف المرأة حتى يعلم من هي إنما المراد أن يفرق بينها وبين الأمة لأنه كان بالمدينة إماء يعرفن بالسوء وربما تعرض لهن السفهاء * (لئن لم ينته المنافقون) * الآية تضمنت وعيد هؤلاء الأصناف إن لم ينتهوا وقيل إنهم لم ينتهوا ولم ينفذ الوعيد عليهم ففي ذلك دليل على بطلان القول بوجوب إنفاذ الوعيد في الآخرة وقيل إنهم انتهوا وستروا أمرهم فكف عنهم إنفاذ الوعيد والمنافقون هم الذين يظهرون الإيمان ويخفون الكفر والذين في قلوبهم مرض قوم كان فيهم ضعف إيمان وقلة ثبات عليه وقيل هم الزناة كقوله فيطمع الذي في قلبه مرض والمرجفون في المدينة قوم كانوا يشيعون أخبار السوء ويخوفون المسلمين فيحتمل أن تكون هذه الأصناف متفرقة أو تكون داخلة في جملة المنافقين ثم جردها بالذكر * (لنغرينك بهم) * أي نسلطك عليهم وهذا هو الوعيد * (ثم لا يجاورونك فيها) * ذلك لأنه ينفيهم أو يقتلهم والضمير المجرور للمدينة * (إلا قليلا) * يحتمل أن يريد إلا جوارا قليلا أو وقتا قليلا أو عددا قليلا منهم والإعراب يختلف بحسب هذه الاحتمالات فقليلا على الاحتمال الأول مصدر وعلى الثاني ظرف وعلى الثالث منصوب على الاستثناء * (ملعونين) * نصب على الذم أو بدل من قليلا على الوجه الثالث أو حال من
(١٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 139 140 141 142 143 144 145 146 147 148 149 ... » »»