التسهيل لعلوم التنزيل - الغرناطي الكلبي - ج ٣ - الصفحة ١٤٢
حكم الله قرت به أعينهن ورضين به وزال ما كان بهن من الغيرة فإن سبب نزول هذه الآية ما وقع لأزواج النبي صلى الله عليه وسلم من غيرة بعضهن على بعض * (لا يحل لك النساء من بعد) * فيه قولان أحدهما لا يحل لك النساء غير اللاتي في عصمتك الآن ولا تزيد عليهن قال ابن عباس لما خيرهن رسول الله صلى الله عليه وسلم فاخترن الله ورسوله جازاهن الله على ذلك بأن حرم غيرهن من النساء كرامة لهن والقول الثاني لا يحل لك النساء غير الأصناف التي سميت والخلاف هنا يجري على الخلاف في المراد بقوله * (إنا أحللنا لك أزواجك) * أي لا يحل لك غير من ذكر حسبما تقدم وقيل معنى لا يحل لك النساء لا يحل لك اليهوديات والنصرانيات من بعد المسلمات المذكورات وهذا بعيد واختلف في حكم هذه الآية فقيل إنها منسوخة بقوله إنا أحللنا لك أزواجك على القول بأن المراد جميع النساء وقيل إن هذه الآية ناسحة لتلك على القول بأن المراد من كان في عصمته وهذا هو الأظهر لما ذكرنا عن ابن عباس ولأن التسع في حقه عليه الصلاة والسلام كالأربع في حق أمته * (ولا أن تبدل بهن من أزواج) * معناه لا يحل لك أن تطلق واحدة منهن وتتزوج غيرها بدلا منها وقيل معناه كانت العرب تفعله من المبادلة في النساء بأن ينزل الرجل عن زوجته لرجل وينزل الآخر عن زوجته له وهذا ضعيف * (ولو أعجبك حسنهن) * في هذا دليل على جواز النظر إلى المرأة إذا أراد الرجل أن يتزوجها * (إلا ما ملكت يمينك) * المعنى أن الله أباح له الإماء والاستثناء في موضع رفع على البدل من النساء أو في موضع نصب على الاستثناء من الضمير في حسنهن * (لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم إلى طعام) * سبب هذه الآية ما رواه أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما تزوج زينب بنت جحش أولم عليها فدعا الناس فلما طعموا قعد نفر في طائفة من البيت فثقل ذلك على النبي صلى الله عليه وسلم فخرج ليخرجوا بخروجه ومر على حجر نسائه ثم عاد فوجدهم في مكانهم فانصرف فخرجوا عن ذلك وقال ابن عباس نزلت في قوم كانوا يتحينون طعام النبي صلى الله عليه وسلم فيدخلون عليه قبل الطعام فيقعدون إلى أن يطبخ ثم يأكلون ولا يخرجون فأمروا أن لا يدخلوا حتى يؤذن لهم وأن ينصرفوا إذا أكلوا قلت والقول الأول أشهر وقول ابن عباس أليق بما في الآية من النهي عن الدخول حتى يؤذن لهم فعلى قول ابن عباس في النهي عن الدخول حتى يؤذن لهم والقول الأول في النهي عن القعود بعد الأكل فإن الآية تضمنت الحكمين * (غير ناظرين إناه) * أي غير منتظرين لوقت الطعام والإنا الوقت وقيل إنا الطعام نضجه وإدراكه يقال أنى يأنى إناء * (ولكن إذا دعيتم فأدخلوا) * أمر بالدخول بعد الدعوة وفي ذلك تأكيد للنهي عن الدخول قبلها * (فإذا طعمتم فانتشروا) * أي انصرفوا قال بعضهم هذا أدب أدب الله به الثقلاء وقالت عائشة رضي الله عنها حسبك من الثقلاء أن الله لم يحتملهم * (ولا مستأنسين لحديث) * معطوف على غير ناظرين أو تقديره ولا تدخلوا مستأنسين ومعناه النهي عن أن يطلبوا الجلوس للأنس بحديث بعضهم مع بعض أو يستأنسوا لحديث أهل البيت واستئناسهم تسمعهم وتجسسهم * (إن ذلكم كان يؤذي النبي) * يعني جلوسهم للحديث أو دخولهم بغير إذن * (فيستحيي منكم) * تقديره
(١٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 137 138 139 140 141 142 143 144 145 146 147 ... » »»