الناس لئلا يقولوا تزوج امرأة ابنه إذ كان قد تبناه فالذي أخفاه صلى الله عليه وسلم هو إرادة تزوجها فأبدى الله ذلك بأن قضى له بتزويجها فقالت عائشة لو كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كاتما شيئا من الوحي لكتم هذه الآية لشدتها عليه وقيل إن الله كان أوحى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتزوج زينب بعد طلاق زيد فالذي أخفاه رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أعلمه الله به من ذلك * (فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها) * لم يذكر أحد من الصحابة في القرآن باسمه غير زيد بن حارثة والوطر الحاجة قال ابن عطية ويراد به هنا الجماع والأحسن أن يكون أعم من ذلك أي لما لم يبق لزيد فيها حاجة زوجها الله من نبيه صلى الله عليه وسلم وأسند الله تزويجها إليه تشريفا لها ولذلك كانت زينب تفتخر على نساء النبي صلى الله عليه وسلم وتقول إن الله زوجني نبيه من فوق سبع سماوات واستدل بعضهم بقوله زوجناكها على أن الأولى أن يقال في كتاب الصداق أنكحه إياها بتقديم ضمير الزوج على ضمير الزوجة كما في الآية " لكيلا يكون على المؤمنين حرج في أزواج أدعيائهم " المعنى أن الله زوج زينب امرأة زيد من رسول الله صلى الله عليه وسلم ليعلم المؤمنين أن تزوج نساء أدعيائهم حلال لهم فإن الأدعياء ليسوا لهم بأبناء حقيقة * (ما كان على النبي من حرج فيما فرض الله له) * المعنى أن تزوج النبي صلى الله عليه وسلم لزينب بعد زيد حلال لا حرج فيه ولا إثم ولا عتاب وفي ذلك رد على من تكلم في ذلك من المنافقين وفرض هنا بمعنى قسم له * (سنة الله في الذين خلوا من قبل) * أي عادة الله في الأنبياء المتقدمين أن ينالوا ما أحل الله لهم وقيل الإشارة بذلك إلى داود في تزوجه للمرأة التي جرى له فيها ما جرى والعموم أحسن ونصب سنة على المصدر أو على إضمار فعل أو على الإغراء * (الذين يبلغون رسالات الله) * صفة للذين خلوا من قبل وهم الأنبياء أو رفع على إضمار مبتدأ أو نصب بإضمار فعل * (ما كان محمد أبا أحد من رجالكم) * هذا رد على من قال في زيد بن حارثة زيد ابن محمد فاعترض على النبي صلى الله عليه وسلم تزوج امرأة زيد وعموم النفي في الآية لا يعارضه وجود الحسن والحسين لأنه صلى الله عليه وسلم ليس أبا لهما في الحقيقة لأنهما ليسا من صلبه وإنما كانا ابني بنته وأما ذكور أولاده فماتوا صغارا فليسوا من الرجال * (وخاتم النبيين) * أي آخرهم فلا نبي بعده صلى الله عليه وسلم وقرئ بكسر التاء بمعنى أنه ختمهم فهو خاتم وبالفتح بأنهم ختموا به فهو كالخاتم والطابع لهم فغن قيل إن عيسى ينزل في آخر الزمان فيكون بعده عليه الصلاة والسلام فالجواب أن النبوة أوتيت عيسى قبله عليه الصلاة والسلام وأيضا فإن عيسى يكون إذا نزل على شريعته عليه الصلاة والسلام فكأنه واحد من أمته * (اذكروا الله ذكرا كثيرا) * اشترط الله الكثرة في الذكر حيثما أمر به بخلاف سائر الأعمال والذكر يكون بالقلب وباللسان وهو
(١٣٩)