التسهيل لعلوم التنزيل - الغرناطي الكلبي - ج ٣ - الصفحة ١٤٩
للسيل من العرامة وقيل هو الجرذ الذي خرب السد وقيل المطر الشديد " أكل خمط وأثل وشئ من سدر قليل " الأكل بضم الهمزة المأكول والخمط شجر الأراك وقيل كل شجرة ذات شوك والأثل شجر يشبه الطرفا والسدر شجر معروف وإعراب خمط بدل من أكل أو عطف بيان وقرئ بالإضافة وأثل عطف على الأكل لا على خمط لأن الأثل لا أكل له والمعنى أنه لما أهلكت الجنتان المذكورتان قيل أبدلهم الله منها جنتين بضد وصفهما في الحسن والأرزاق " وهل نجازي إلى الكفور " معناه لا يناقش ويجازى بمثل فعله إلا الكفور لأن المؤمن قد يسمح الله له ويتجاوز عنه * (وجعلنا بينهم وبين القرى التي باركنا فيها قرى ظاهرة) * هذه الآية وما بعدها وصف حال سبأ قبل مجيء السيل وهلاك جناتهم ويعني بالقرى التي باركنا فيها الشام والقرى الظاهرة قرى متصلة من بلادهم إلى الشام ومعنى ظاهرة يظهر بعضها من بعض لاتصالها وقيل مرتفعة في الآكام وقال ابن عطية خارجة عن المدن كما تقول بظاهر المدينة أي خارجها * (وقدرنا فيها السير) * أي قسمنا مراحل السفر وكانت القرى متصلة فكان المسافر يبيت في قرية ويصبح في أخرى ولا يخاف جوعا ولا عطشا ولا يحتاج إلى حمل زاد ولا يخاف من أحد * (فقالوا ربنا باعد بين أسفارنا) * قرئ باعد وبعد بالتخفيف والتشديد على وجه الطلب والمعنى أنهم بطروا النعمة وملوا العافية وطلبوا من الله أن يباعد بين قراهم المتصلة ليمشوا في المفاوز ويتزودوا للأسفار فعجل الله إجابتهم وقرئ باعد بفتح العين على الخبر والمعنى أنهم قالوا إن الله باعد بين قراهم وذلك كذب وجحد للنعمة * (وظلموا أنفسهم) * يعني بقولهم باعد بين أسفارنا أو بذنوبهم على الإطلاق * (ومزقناهم كل ممزق) * أي فرقناهم في البلاد حتى ضرب المثل بفرقتهم قيل تفرقوا أيدي سبا وفي الحديث إن سبا أبو عشرة من القبائل فلما جاء السيل على بلادهم تفرقوا فتيامن منهم ستة وتشاءم أربعة * (ولقد صدق عليهم إبليس ظنه) * أي وجد ظنه فيهم صادقا يعني قوله لأغوينهم وقوله ولا تجد أكثرهم شاكرين * (قل ادعوا الذين زعمتم) * تعجيز للمشركين وإقامة حجة عليهم ويعني بالذين زعمتم آلهتهم ومفعول زعمتم محذوف أي زعمتم أنهم آلهة أو زعمتم أنهم شفعاء وروي أن ذلك نزل عند الجوع الذي أصاب قريشا * (من شرك) * أي نصيب والظهير المعين * (ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له) * المعنى لا تنفع الشفاعة عند الله إلا لمن أذن الله له أن يشفع فإنه لا يشفع أحد إلا بإذنه وقيل المعنى لا تنفع الشفاعة إلا لمن أذن له الله أن يشفع فيه والمعنى أن الشفاعة على كل وجه لا تكون إلا بإذن الله ففي ذلك رد على المشركين الذين كانوا يقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله * (حتى إذا فزع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم) *
(١٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 144 145 146 147 148 149 150 151 152 153 154 ... » »»