التسهيل لعلوم التنزيل - الغرناطي الكلبي - ج ٣ - الصفحة ١٤١
من جهة أبيه ومن جهة أمه وكان له عليه الصلاة والسلام أعمام وعمات إخوة لأبيه ولم يكن لأمه عليه الصلاة والسلام أخ ولا أخت وإنما يعني بخاله وخالاته عشيرته أمه وهم بنو زهرة ولذلك كانوا يقولون نحن أخوال رسول الله صلى الله عليه وسلم فمن قال إن المراد بقوله أحللنا لك أزواجك من كانت في عصمته فهو عطف عليهن وإباحة لأن يتزوج قرابته زيادة على من كان في عصمته ومن قال إن المراد جميع النساء فهو تجريد منهن على وجه التشريف بعد دخول هؤلاء في العموم * (اللاتي هاجرن معك) * تخصيص تحرز به ممن لم يهاجر كالطلقاء الذين أسلموا يوم فتح مكة * (وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي) * أباح الله له صلى الله عليه وسلم من وهبت له نفسها من النساء واختلف هل وقع ذلك أم لا فقال ابن عباس لم تكن عند النبي صلى الله عليه وسلم امرأة إلا بنكاح أو ملك يمين لا بهبة نفسها ويؤيد هذا قراءة الجمهور إن وهبت بكسر الهمزة أي إن وقع وقيل قد وقع ذلك وهو على هذا القول قرئ أن وهبت بفتح الهمزة واختلف على هذا القول فيمن هي التي وهبت نفسها فقيل ميمونة بنت الحارث وقيل زينب بنت خزيمة أم المساكين وقيل أم شريك الأنصارية وقيل أم شريك العامرية * (خالصة لك من دون المؤمنين) * أي هبة المرأة نفسها مزية خاصة بالنبي صلى الله عليه وسلم دون غيره وانظر كيف رجع من الغيبة إلى الخطاب ليخص المخاطب وحده وقيل إن خالصة يرجع إلى كل ما تقدم من النساء المباحات له صلى الله عليه وسلم لأن سائر المؤمنين قصروا على أربع نسوة وأبيح له عليه الصلاة والسلام أكثر من ذلك ومذهب مالك أن النكاح بلفظ الهبة لا ينعقد بخلاف أبي حنيفة وإعراب خالصة مصدر أو حال أو صفة لامرأة * (قد علمنا ما فرضنا عليهم في أزواجهم) * يعني أحكام النكاح من الصداق والولي والاقتصار على أربع وغير ذلك * (لكيلا يكون عليك حرج) * يتعلق بالآية التي قبله أي بينا أحكام النكاح لئلا يكون عليك حرج أو لئلا يظن بك أنك فعلت ما لا يجوز وقال الزمخشري يتعلق بقوله خالصة لك * (ترجي من تشاء منهن وتؤوي إليك من تشاء) * معنى ترجي تؤخر وتبعد ومعنى تؤوي تضم وتقرب واختلف في المراد بهذا الإرجاء والإيواء فقيل إن ذلك في القسمة بينهن أي تكثر لمن شئت وتقلل لمن شئت وقيل إنه في الطلاق أي تمسك من شئت وتطلق من شئت وقيل معناه تتزوج من شئت وتترك من شئت والمعنى على كل قول توسعة على النبي صلى الله عليه وسلم وإباحة له أن يفعل ما يشاء وقد اتفق الناقلون على أنه صلى الله عليه وسلم كان يعدل في القسمة بين نسائه أخذا منه بأفضل الأخلاق مع إباحة الله له والضمير في قوله منهن يعود على أزواجه صلى الله عليه وسلم خاصة أو على كل ما أحل الله له على حسب الخلاف المتقدم * (ومن ابتغيت ممن عزلت فلا جناح عليك) * في معناه قولان أحدهما من كنت عزلته من نسائك فلا جناح عليك في رده بعد عزله والآخر من ابتغيت ومن عزلت سواء في إباحة ذلك فمن للتبعيض على القول الأول وأما على القول الثاني فنحو قولك من لقيك ومن لم يلقك سواء * (ذلك أدنى أن تقر أعينهن) * أي إذا علمن أن هذا
(١٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 136 137 138 139 140 141 142 143 144 145 146 ... » »»