التسهيل لعلوم التنزيل - الغرناطي الكلبي - ج ٣ - الصفحة ١٣٦
محذوف أي ينتظر أن يقضي نحبه أو ينتظر الشهادة في سبيل الله على قول ابن عباس أو ينتظر الحصول في أعلى مراتب الإيمان والصلاح على القول الآخر * (وأنزل الذين ظاهروهم من أهل الكتاب من صياصيهم) * الصياصي هي الحصون ونزلت الآية في يهود بني قريظة وذلك أنهم كانوا معاهدين لرسول الله صلى الله عليه وسلم فنقضوا عهده وصاروا مع قريش فلما انصرفت قريش عن المدينة حصر رسول الله بني قريظة حتى نزلوا على حكم سعد بن معاذ فحكم بأن يقتل رجالهم ويسبي نساؤهم وذريتهم * (فريقا تقتلون) * يعني الرجال وقتل منهم يومئذ كل من أنبت وكانوا بين ثمانمائة أو تسعمائة * (وتأسرون فريقا) * يعني النساء والذرية * (أورثكم أرضهم) * يعني أرض بني قريظة قسمها رسول الله صلى الله عليه وسلم بين المهاجرين " وأرضا لم تطؤها " هذا وعد بفتح أرض لم يكن المسلمون قد وطؤها حينئذ وهي مكة واليمن والشام والعراق ومصر فأورث الله المسلمين جميع ذلك وما وراءها إلى أقصى المشرق والمغرب ويحتمل عندي أن يريد أرض بني قريظة لأنه قال أورثكم بالفعل الماضي وهي التي كانوا أخذوها حينئذ وأما غيرها من الأرضين فإنما أخذها بعد ذلك فلو أرادها لقال يورثكم إنما كررها بالعطف ليصفها بقوله لم تطؤها أي لم تدخلوها قبل ذلك * (يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها) * الآية سببها أن أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم تغايرن حتى غمه ذلك وقيل طلبن منه الملابس ونفقات كثيرة وكان أزواجه يومئذ تسع نسوة خمس من قريش وهن عائشة بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنه وحفصة بنت عمر بن الخطاب رضي الله عنه وسودة بنت زمعة وأم حبيبة بنت أبي سفيان وأم سلمة بنت أبي أمية وأربع من غير قريش وهم ميمونة بنت الحارث الهلالية وصفية بنت حيي من بني إسرائيل وزينب بنت جحش الأسدية وجويرية بنت الحارث من بني المصطلق * (فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحا جميلا) * أصل تعال أن يقوله من كان في موضع مرتفع لمن في موضع منخفض ثم استعملت بمعنى أقبل في جميع الأمكنة وأمتعكن من المتعة وهي الإحسان إلى المرأة إذا طلقت والسراح الطلاق فمعنى الآية أن الله أمر رسوله صلى الله عليه وسلم أن يخير نساءه بين الطلاق والمتعة إن أرادوا زينة الدنيا وبين البقاء في عصمته إن أرادوا الآخرة فبدأ صلى الله عليه وسلم بعائشة فاختارت البقاء في عصمته ثم تبعها سائرهن في ذلك فلم يقع طلاق وقالت عائشة خيرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فاخترناه ولم يعد ذلك طلاقا وإذا اختارت المخيرة الطلاق فمذهب مالك أنه ثلاث وقيل طلقة بائنة وقيل طلقة رجعية ووصف السراح بالجميل يحتمل أن يريد أنه دون الثلاث أو يريد أنه ثلاث وجماله حسن الرعي والثناء
(١٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 131 132 133 134 135 136 137 138 139 140 141 ... » »»